أخبار وتقارير

قلق من تراجع التمويل الأميركي لمؤسسات تربوية عربية

القاهرة- تبدو مصداقية الولايات المتحدة في العالم العربي هشة هذه الأيام. إذ اهتزت هذه المصداقية أخيراً بسبب التقلبات المتواصلة حول ما إذا كانت وكالة المعونة الأميركية ستواصل دعم الشركات الدولية للتعليم العالي التي تشمل عدداً من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 ففي شهر آب/أغسطس، أبلغت وكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ، مكتب التعليم العالي من أجل التنمية (HED) عزمها على خفض تمويلها المستخدم لإدارة وتطوير الشراكات بين 41 كلية وجامعة أميركية ومؤسسات في الخارج.

 لكن الوكالة الأميركية أشارت الأسبوع الماضي إلى أنها عدلت عن قرارها.

 “تعتزم وكالة الأميركية للتنمية الدولية احترام التزاماتها الحالية لـ41 شراكة نعقدها في إطار برنامج التعليم من أجل التنمية” كتب المسؤول في الوكالة إريك جي بوستل في رسالة الكترونية في 19 أيلول/ سبتمبر الجاري. “أنا أضمن أن الوكالة الأميركية للتنمية سوف تفعل ما في وسعها لمواصلة الشراكات بحسب جداولها الزمنية المقررة وبأقل قدر الانقطاع لنشاطات البرنامج”.

 وقلص تغيير الوكالة لموقفها من مخاوف احتمال إجراء تخفيضات جذرية على الميزانية من شأنها وقف البرامج في منتصف الطريق.

 “من وجهة نظر الشركاء، الخبر جيد جداً بشكل لا لبس فيه” قال تيري دبليو هارتل، نائب الرئيس في المجلس الأميركي للتعليم، الذي يشرف على عمل  مكتب التعليم العالي من أجل التنمية.

 “اتفاقيتنا مع الوكالة تتطلب منا القيام بكثير من أعمال الرصد والرقابة الإدارية، النوعية والمالية” قال هارتل، مضيفا “إذا تم خفض التمويل بشكل كبير فإننا لن نتمكن من تعيين الطاقم اللازم لتنفيذ متطلبات الاتفاقية”.

 “لقد أوضحنا أن هذا سيتسبب بفوضى عارمة”، قال هارتل.

 وعلى الرغم من قرار التراجع، فإن استمرار التمويل غير مضمون. لكن الشركاء في المنطقة يعتقدون بوجود إشارات على استمرار المساعدات.  “اذا قاموا بخفض الميزانيات في هذه اللحظة فإن هذا سيؤثر بشكل كبير لأننا في لحظة انتقالية”، قال رئيف شويري، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الكفاءات في لبنان، والذي لدى مدارسها شراكات مع ثلاث كليات أهلية تابعة لنظام جامعة ولاية نيويورك (SUNY).

 بدأ التعاون بين المؤسسات في أوائل عام 2012، ومن المتوقع أن يستمر حتى نهاية العام المقبل. وينصب التركيز على ريادة الأعمال والتدريس، حيث توفر جامعة ولاية نيويورك الدعم للطلاب في جامعة وكلية الكفاءات التقنية، فضلا عن المساعدة على تعزيز المناهج الدراسية.

 ونتيجة لهذه الشراكة، تمتلك الكفاءات اليوم برنامج اللغة الإنكليزية ومركزاً لتعليم الطالب يقدم الدعم الدراسي والخدمات للطلاب الذين لديهم تفاوت في الدرس. الآن، تعمل الشراكة على إنجاز منهج لإدارة الأعمال.

 “لقد قمنا باستخدام المال الممنوح للتواصل والانخراط ضمن الحرم الجامعي ومع الكليات” قال شويري، مضيفاً “كما تم بناء شبكة من العلاقات التي تتجاوز موضوع التمويل”.

 ويرأس سمير برهومة، مدير المشاريع الأكاديمية الدولية ووحدة قياس الجودة في كلية القدس في الأردن، الشراكة بين مؤسسته وكليات أيوا الشرقية الأهلية. حيث أكد أن أهم نتائج إقامة العلاقات بنيت من خلال التعاون.

 “ليس الأمر متعلق بالمال فقط، بل إنه متعلق بالمعرفة، متعلق بما نكتسبه منهم” قال برهومة، مضيفاً “لذلك نحن نكتسب المعرفة، والخبرات من جانبهم”.

 وتعمل جامعة القدس وكليات أيوا الشرقية الأهلية معا منذ أكثر من عام وقد تم الاتفاق على الانتهاء من المشروع المشترك مع نهاية عام 2015. هذا العام، سيحصل ثلاثة آلاف طالب وطالبة على دورات في ريادة الأعمال بسبب هذه الشراكة. ولكن إذ تم وقف التمويل، بحسب برهومة، فإن جامعة القدس لن تتمكن من استكمال البرنامج.

 “نحن في منتصف الطريق” قال برهومة، مضيفا “لذلك سنتأثر بشكل بليغ”.

 قد لا يعاني الشركاء خارج الولايات المتحدة حصريا من نقص التمويل. إذ أن هذا التعاون أفاد أيضا أعضاء هيئة التدريس والطلاب الأميركيين. قالت روزميري أورتليب بادجيت، والتي تعمل في كلية ناساو الأهلية وتدير شراكة بين مدارس الكفاءات وكليات جامعة ولاية نيويورك، إن المشروع “غيّر تماما الطريقة التي ننظر فيها إلى التعليم.”

” إن سفر بعض أعضاء هيئة التدريس من كلية المجتمع ناساو إلى لبنان للعمل مع أعضاء هيئة التدريس هناك وتطوير العلاقات أثّر مباشرة على سير الأمور في الفصول الدراسية” قالت بادجيت، مضيفة “إنهم ينقلون المعرفة للطلاب وهذا شيء قيّم للغاية”.

وقد انبثقت عن هذه الشراكات مجموعة من التطورات. إذ وبسبب التعاون بين جامعة القدس في الأردن كليات أيوا الشرقية الأهلية بادرت الأخيرة ببرنامج للدراسة في الخارج حول الشرق الأوسط ليس مدعوما من وكالة الأميركية للتنمية الدولية.

“تلك الأشياء تحدث تغييرا في حياة الطلاب المشاركين في هذه البرامج” قال جيريمي بيكارد، مدير التعليم الدولي في كليات أيوا الشرقية الأهلية. “لقد حصلنا على تغيير من جانب الدولة، وكذلك تغيير دولي، وهذا بالتأكيد سيفيد المؤسستين على حد سواء” قال بيكارد.

 وأكد أن خفض الدعم للشراكة الآن من شأنه أن يكون مؤذيا. “إنك ستقطع بشكل أساسي الشراكة التي أخذت قدرا كبيرا من الوقت لتتطور” قال بيكارد، “من دون الحصول على هذه الموارد للاستمرار، قد يكون صحيحا لكن عندما نكون قد اقتربنا من نقطة تبدو فيها الاستدامة الذاتية ممكنة وذلك في غضون سنة ونصف أو سيكون ذلك مدمرا تماما”.

من جهة أخرى، قد يضع سحب التمويل سمعة الولايات المتحدة على المحك، في منطقة يتصاعد فيها الغضب ضد واشنطن في الأشهر الأخيرة.

 “قد لا يبدو جيدا بالنسبة للولايات المتحدة أن تنسحب فجأة ومن جانب واحد من المشاريع التي شاركنا بها لمساعدة الناس في البلدان التي فيها معاناة كبيرة” قال هارتل، مضيفا أن مصداقية الوكالة أيضا ستتضرر. “لدى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وجود خارجي واضح في العالم” قال هارتل. “إن سمعتها كشريك موثوق به، ويمكن الاعتماد عليه لاحترام تعهداته، قد يتعرض لعواقب إذا ما تم التخلي عن المشروع”.

 ويأمل شويري أن لا يتناقص التمويل في لبنان. “النقطة هي، أننا لم نتعامل مع مثل هذه المواضيع سابقا” قال شويري، مضيفا “عندما توقع على مشروع تعرف بالضبط كيف سيتم تمويله وحجمه وكل مداخله ومخارجه”.

 ولكنه وغيره عازمون على الحفاظ على سير المشاريع في أي من الاتجاهين. “لن نتوقف” قال شويري، “علينا إيجاد حلول”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى