أخبار وتقارير

مصر توشك على منح الحرس الجامعي صلاحيات قضائية

القاهرة- بعد شهرين من الإطاحة بأول زعيم مدني في مصر، تدرس الحكومة المصرية الموقتة المدعومة من الجيش إمكانية فرض تدابير أمنية جديدة في الجامعات الحكومية مما أثار انتقادات واسعة.

 ويوشك المجلس الأعلى للجامعات المصرية ووزارة العدل على منح سلطة قضائية لعناصر أمن المقار الجامعة، وهو ما يثير مخاوف العديد من الناشطين والطلاب من إمكانية فرض قيود على الحريات السياسية.

 ويرى البعض أن هذه الخطوة تستهدف انتزاع بعض المكاسب التي تحققت بعد الانتفاضة ضد (الرئيس المصري الأسبق) حسني مبارك عام 2011.

 “إن مثل هذا القرار يعيد مصر إلى العصر الذي فرض فيه قانون الطوارئ، وذلك يذكرنا بنشاطات جهاز أمن الدولة داخل الجامعات خلال نظام مبارك”، قال بيان صادر عن طلاب حزب الدستور، وهي مجموعة ليبرالية.

 ومع السلطة القضائية، التي يمكن أن تمنحها وزارة العدل بعد انتهاء المناقشات الجارية، سيتمكن حراس الحرم الجامعي من إحالة تقارير كتبها زملاء العمل أو غيرهم من المشاركين في مكان العمل إلى النيابة العامة، ووفقا للقانون المصري سيكون لديهم الحق في جمع الأدلة والمعلومات واستجواب أي شخص في مكان العمل.

 “في الوقت الراهن، إن الحراس، ولكونهم ليسوا من رجال الشرطة، ليس لديهم أي سلطة لمواجهة أي اختراق داخل الجامعة” قال محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي وعضو مؤسس في حركة 9 مارس، الذي يروج لاستقلالية الجامعات. وأضاف الغار الاثنين أن المناقشات جارية بشأن كيفية إعطاء الحراس المزيد من السلطة.

وأعرب البعض عن تأييدهم لمثل هذه المبادرة خاصة في الأوقات التي تشهد اضطرابات سياسية وانتشار النشاط الإجرامي داخل البلاد.

 “إذا كان هناك تدمير للممتلكات العامة، سرقة مثلا، أعتقد أنه في هذه الحالة من الجائز لهؤلاء الحراس امتلاك السلطة لكتابة تقارير حول الطلاب الذين يشتبه في تورطهم في هذه الأعمال”، قال مصطفى السيد أستاذ في جامعة القاهرة.

 وبحسب السيد فإن الأمن يعتبر مشكلة كبيرة في الجامعات، إذ لا يملك أفراد الأمن سلطة التصرف في القضايا الجنائية. ولكن مع هذا الإجراء الجديد، يمكن أن يعرضوا الجناة للمساءلة.

 واختفى أفراد الأمن التابعين لأجهزة الدولة بعد الإطاحة بمبارك وحلّت مكانهم وحدات أمن مدنية. بحيث ازدهرت الحياة السياسية داخل الجامعات، إلا أن مواجهات دامية فضلا عن الاحتجاجات والاعتصامات أدت في بعض الأحيان إلى تدمير الممتلكات داخل الحرم الجامعي.

 وقال محمد ناجي، باحث في مؤسسة حرية الفكر والتعبير وهي جماعة المستقلة تدافع عن الحرية الأكاديمية وغيرها من أشكال التعبير الفكري الحر ومقرها القاهرة، إن فشل بعض الإدارات الجامعية في تطوير إدارات الأمن المدنية التي حلت محل الحرس القديم على نحو كاف، شكل تحديا جديدا. “تسعى السلطات الآن لمنح السلطة القضائية لاثنين أو ثلاثة من كبار المسؤولين في كل وحدة، والموظفون غير مدربين ولا مؤهلين للقيام بذلك”.

 وأضاف ناجي “إننا نعترف بأن الوضع الأمني في الحرم الجامعي غير مستقر منذ ثورة 25 يناير”، إلا أن إعطاء السلطة القضائية لموظفين جامعيين غير مدربين ليس هو الحل. وقال “نحن خائفون أن يتم استخدام هذا القرار كأداة لقمع بعض الطلاب الذين لديهم انتماء سياسيا”.

 وعلاوة على ذلك، فإن منح السلطة القضائية للحراس فيه التباس قانوني بحسب ما تقول المؤسسة (حرية الفكر والتعبير)، خاصة وأن النص يضعهم تحت إشراف النائب العام بدلا من رئيس الجامعة.  “هذا الارتباك هو تهديد خطير لاستقلالية الجامعة”، قالت مؤسسة حرية الفكر والتعبير في بيان لها.  ” لن يكون لرئيس الجامعة أي سلطة على أفراد الأمن في حال تسلمهم زمام السلطة القضائية”.

 وقال نائب رئيس الوزراء حسام عيسى يوم الأحد إن القرار يهدف إلى مكافحة أعمال التخريب ضد الجامعات المملوكة للدولة، وفقا لتقارير إخبارية محلية.

وكان المتحدث باسم وزارة العدل عزت خميس قد قال لوسائل الاعلام المحلية إن الهدف من هذا الإجراء هو الحد من أعمال الشغب والعنف وسط الانقسامات السياسية العميقة التي أدت إلى سقوط مئات القتلى في الأسابيع الأخيرة.

لم تنجح هذه التفسيرات في تهدئة مخاوف الناشطين، حيث يعتقد كثيرون منهم أن أفراد الأمن سيكونون قادرين على اعتقال الطلاب.

 “إنهم يحاولون احتواء التحركات المقبلة ضد الحكم العسكري” قال محمد سليمان رئيس اتحاد طلاب حزب الدستور، مشيرا إلى احتمال وجود ردة فعل ضد قادة مصر والجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي أطاح بـ(الرئيس السابق) محمد مرسي في 3 تموز/يوليو الماضي.

 بدوره، قال المتحدث باسم طلاب جماعة الإخوان المسلمين صهيب عبد المقصود إن توقيت هذا الإجراء الجديد هو مفتاح الحل. لأنه يأتي قبل أسبوعين فقط من بدء الفصل الدراسي الجديد.

 “أرادت الحكومة أن يصدر هذا القرار قبل بدء العام الدراسي، لأنهم يخشون أن تكون هناك موجة من الاحتجاجات من قبل الطلاب ضد الانقلاب العسكري” قال عبد المقصود، مضيفا “إنهم يريدون خلق أداة يمكن استخدامها للحد من أي حركة للاحتجاج بين طلاب الجامعة”.

 وتعمل الجماعات الطلابية على محاربة هذه المبادرة. إذ قال سليمان إنهم يخططون لتنظيم احتجاجات في الحرم الجامعي. في حين أعلن هشام أشرف، رئيس اتحاد الطلبة في الجامعة يوم الثلاثاء، أن رؤساء اتحادات الطلاب في جامعة القاهرة صوتوا ضد هذه المبادرة.

 “نحن لن نعطي فرصة للحكومة للتدخل مرة أخرى في شؤون الجامعة” قال أشرف، مضيفا “إننا سوف نفعل كل ما يلزم لحماية حقوقنا كطلاب وحريتنا الأكاديمية”.  ومع ذلك، فإن البعض يرحب بخطط لتحسين الأمن.

 وقال نائب رئيس جامعة عين شمس لشؤون التعليم والطلاب محمد الطوخي لصحيفة المصري اليوم إن الجامعة ستقوم “بتنفيذ القرار بالسرعة الممكنة”، مضيفا أنه سيتم منح السلطة القضائية إلى ثلاثة أفراد لديهم شهادة في القانون ومدربون على “الشؤون الأمنية”.

 وقال الطوخي إنه سيتم استخدام هذه السلطة في القضايا المتعلقة بالتحرش الجنسي والمخدرات والعنف فقط.

 “إن الادعاءات بأن هذا الإجراء سيستخدم لقمع الطلاب غير صحيح”، أكد الطوخي، موضحا “أن إدارة الجامعة تسعى لجعل الحرم الجامعي مكانا آمنا لكل الطلاب”.

 إلا أن اتحاد طلبة جامعة عين شمس قال في بيان على صفحته على موقع فيسبوك إنهم “يرفضون بكل الوسائل منح سلطات استثنائية لأفراد الأمن داخل الحرم الجامعي”، مؤكدين أنهم “ضد أي تدابير من شأنها أن تؤدي إلى الحد من حريتنا في الكلام”. وقال البيان “لا توجد حلول وسط بشأن هذه المسألة”.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى