أخبار وتقارير

الصورة النمطية للعرب.. وكيفية تصدي أستاذ واحد لها

سانت لويس- لنتخيل فيلم رسوم متحركة، مليء براقصات شرقيات وجِمال وصحاري، ورجال إرهابيين ملتحيين عيونهم بنية اللون وأصابعهم مستعدة للضغط على زناد أسلحة أوتوماتيكية. فعندما يتعلق الأمر بصورة العالم العربي، فإن هذه الصورة هي أول ما يخطر على ذهن الكثيرين من طلاب الجامعات الغربية، قالت إحدى المتحدثات في الاجتماع السنوي لهيئة المدرسين العالميين (نافسا).

ارتفع عدد السكان العرب في الولايات المتحدة أكثر من 75 في المئة منذ عام 1990، أي ثلاثة أضعاف أكثر من معدل نمو النمو الكلي للسكان وفقا لتقرير مكتب الإحصاء في آذار/مارس الماضي.

هذه النسبة المتزايدة من العرب القاطنين في الولايات المتحدة والذين يدرسون في مدارسها وجامعاتها تحفز على أهمية العمل بجدية للتخلص من صور العرب النمطية السائدة في الغرب، قالت غريتا شارنوبر المدير المساعد لمركز هاكوب كيفوركيان لدراسات الشرق الأدنى في جامعة نيويورك، والتي قدمت جلسة خاصة بهذه القضية في الاجتماع السنوي لهيئة المدرسين العالميين بعنوان “الصور النمطية السائدة عن  المسلمين والعرب: دليل للمعلمين”.

“كتربويين، فإن تعليم طلابنا كيفية قراءة وفهم الصورة النمطية التي قدمتها وسائل الإعلام هي عمل كبير الأهمية”، قالت شارنوبر.

حضر الاجتماع السنوي لـ”نافسا”، والذي يعد من أكبر اللقاءات السنوية للاكاديميين الدوليين، حوالي ثمانية آلاف و300 شخص من مختلف أنحاء العالم. غير أن الحضور العربي كان محدودا جدا بالرغم من تأكيد رئيسة الهيئة مارلين جونسون أنها بذلت جهودا كبيرة لتوسيع المشاركة العربية.  في المقابل، حظيت الجلسات المتعلقة بالقضايا العربية، بما في ذلك الجلسة الخاصة بالصورة النمطية، بحضور جيد.

على طاولات مستديرة في غرفة الاجتماع، وزعت شارنوبر نماذج للوحات من المعرض المتنقل الذي حمل عنوان “حرف ع للـ”عرب”: الصور النمطية في الثقافة الأميركية الشائعة” بهدف مساعدة الجمهور على فهم تاريخ وتطور الصور النمطية للشخصية العربية والمسلمة في الثقافة الأميركية الشائعة.

كانت النماذج الموزعة مأخوذة من أرشيف جاك شاهين في جامعة نيويورك. إذ كرس شاهين، وهو أستاذ الإعلام بجامعة إيلينوي، حياته لتحديد وتوثيق الصور الخاطئة عن العرب والمسلمين في وسائل الإعلام الأميركية والثقافة العامة.

تتنوع الصور الموزعة من لقطات مأخوذة من أفلام سينمائية إلى صور من كتب ورسوم كاريكاتورية.

ووفقا لشارنوبر، فإن عدد الصور السلبية عن العرب يفوق بكثير عدد الصور الإيجابية المنشورة في مختلف وسائل الإعلام، بما في ذلك الصحف والتلفزيون والأفلام وأدب الأطفال والرسوم المتحركة على شبكة الإنترنت وألعاب الفيديو.

وقالت شارنوبر إن غالبية الأميركيين تعلموا معظم ما يعرفونه عن العرب والمسلمين من وسائل الإعلام، مشيرة إلى أن “مواضيع العنف والإرهاب تتكرر بصورة مستمرة”.

في الغالب، يصور العرب والمسلمون باعتبارهم جشعين، فاسقين وشديدي الثراء يعيشون على محيطات من النفط. إلا أن قلة من وسائل الإعلام الغربية تبدي اهتماما بالتقارير الدولية التي تتحدث عن البطالة والفقر في المنطقة العربية، بحسب قول شارنوبر، التي أشارت إلى أن عدداً قليلا جداً يعلم أن نحو 13-15 في المئة من المسلمين هم من العرب، وأن أكثر من 10 في المئة من العرب يعتنقون ديانات غير الإسلام. كما أن نحو 2 في المئة فقط من العرب هم من البدو، في حين أن معظم الرسوم الكرتونية تظهر الشخصية العربية بوصفها بدوية.

“الإعلام يتجاهل كل هذه الحقائق ويخلق صورة نمطية لا وجود لها”، أكدت شارنوبر، موضحة أن الوضع أصبح أكثر سوءا بعد أحداث 11 ايلول/سبتمبر، إذ تم ربط الإسلام أكثر بالعنف والتعصب لتتكرر الصورة النمطية بقوة أكبر. “وهذا يشير إلى الحاجة الماسة لتطوير المهارات اللازمة لنقد وإعادة تشكيل صورة صحيحة عن العرب والمسلمين”، قالت شارنوبر.

خلال الجلسة، استعرضت شارنوبر مجموعة مقاطع من فيلم “العرب الأشرار في السينما الأميركية: كيف شوهت هوليوود صورة الناس” والذي أنتج عام 2006.

قبل انتاج هذا الفيلم، أمضى شاهين الكثير من الوقت في مشاهدة آلاف الأفلام التي قدمت عبر قرن من الزمن والتي ظهرت فيها شخصيات عربية.

وبدا واضحا لشاهين وجود إصرار خطير على تقديم صورة العربي الشرير وتقديم صورة نمطية للعالم العربي بوصفه واحة مليئة بالسجاد السحري والنساء والقصور مع غرف تعذيب في الطوابق السفلية وبطبيعة الحال يقومون بخطف الشقراوات.

“العرب هم المجموعة الأكثر تعرضا للافتراء في تاريخ هوليوود”، قال شاهين في فيلمه الوثائقي، لافتا إلى أنه “يتم تصويرهم بشكل أساسي وكأنهم أقل من البشر.. هذه الصور بقيت معنا لأكثر من قرن من الزمان”.

وعلى الرغم من السخافة التي تظهر بها الشخصية العربية في الأفلام، إلا أنها لم تتغير كما أكد شاهين. إذ حافظت الأفلام الحديثة، مثل فيلم “علاء الدين” الموجه للأطفال على الصور النمطية نفسها.

في المقابل، أشاد شاهين ببعض الأفلام المعاصرة، مثل سيريانا، الجريمة الكاملة، وثلاثة ملوك والتي قدمت صورا أكثر توازناً عن العرب.

وأيدت شارنوبر دعوة شاهين إلى تقديم العرب والمسلمين كبشر حقيقين، كباقي الجماعات الأخرى، ينخرطون في الكثير من الأعمال الجيدة والسيئة، وببساطة كما يفعل الآخرون تماماً.

وقالت شارنوبر إن لفت الأنظار إلى ماهية الصور النمطية ودفع الطلاب لمناقشتها، يساعد الأساتذة على التخفيف من تأثير انتشارها.

“بمجرد أن نبدأ في أنسنة العرب والمسلمين، وإظهارهم كشخصيات مشابهة للآخرين ليست أفضل وليست أسوأ فإن الصورة النمطية ستختفي تدريجيا”، قال شاهين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى