أخبار وتقارير

بعد تبرئة عميد جامعة منوبة.. الصراع ما يزال مستمرا

برأت محكمة تونسية عميد كلية الآداب والفنون والعلوم الإنسانية في جامعة منوبة الحبيب الكزدغلي الذي اتهمته طالبة منقبة بصفعها في القضية التي شغلت الرأي العام التونسي على مدى أشهر.

 وقضت المحكمة ببطلان التقرير الطبي المقدم من الطالبة بهدف إثبات الاعتداء عليها من قبل العميد، إذ أعلنت المحكمة أن التقرير كان مزورا.

 “انتصرت العدالة، إلا أن المعركة ما تزال مستمرة”، قال الكزدغلي، مشيرا إلى استمرار الصراع السياسي بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس.

 في المقابل، أعلن وزير التعليم العالي التونسي منصف بن سالم أنه سيسمح للطالبات المنقبات بالتقدم للامتحانات النهائية في هذا الفصل الدراسي وهن مرتديات نقابهن، داعيا إلى تأجيل اتخاذ قرار نهائي بشأن ارتداء النقاب في الفصول الدراسية إلى ما بعد الامتحانات.

 وأضاف بن سالم، الذي كان قد أعلن في وقت سابق أنه ضد حظر النقاب في الجامعات، أن وزارته ستتقدم بثلاثة خيارات إلى المجلس التأسيسي لحل هذه القضية.

وتتضمن هذه الخيارات السماح للطالبات بارتداء النقاب في الحرم الجامعي، وداخل الفصول الدراسية وخلال الامتحانات.

أما الاقتراح الثاني، فيتمثل في السماح بالنقاب فقط داخل بهو الجامعة ولكن يجب التخلي عنه في الفصول الدراسية والامتحانات، فيما يتمثل الاقتراح الثالث في حظر النقاب داخل الجامعات تماما.

 تصريح الوزير فتح الباب أمام صراع جديد حول ارتداء الحجاب داخل الحرم الجامعي واستقلالية الجامعات ودور الدين في المجتمع التونسي.

 المحكمة التي برأت ذمّة الكزذغلي قضت أيضا بالسجن مع وقف التنفيذ لمدة أربعة أشهر وشهرين لكل من  المنقبتين اللتين ادعيتا بالباطل ضد عميد الكلية. إلا أن أنور أولاد علي، محامي الطالبتين، أعلن أنه يعتزم استئناف الحكم.

في غضون ذلك، قام الاتحاد العام لطلبة تونس، الحزب الإسلامي، بوقفة احتجاجية أمام مقر جامعة منوبة يوم 3 مايو/أيار للتنديد بقرار تبرئة العميد والحكم على الطالبتين. وقال الاتحاد في بيان إن “قرار المحكمة جائر”.

 وأصبحت جامعة منوبة في دائرة الضوء الإعلامي منذ تعرضها لاحتجاجات واعتصامات في مارس/آذار 2012. إذ قام بعض الطلاب المحافظين المتشددين بسلسلة من الاحتجاجات والاعتصامات مطالبين بتخصيص غرفة للصلاة وحق الطالبات في ارتداء النقاب داخل الفصول الدراسية في الجامعة. غير أن الكزذغلي وباقي أعضاء الإدارة رفضوا هذه المطالب لأسباب أمنية.

في حين اعتبرت الطالبات المنقبات أن ارتداء النقاب أمر يتعلق بمعتقدهم الديني ومنعه يهدف إلى التضييق على حريتهم الدينية. لاحقا تمت معاقبة ست طالبات لارتدائهن النقاب.

 في 6 آذار/ مارس 2012، دخلت طالبتان ترتديان النقاب مكتب الكزذغلي، الذي قال إنهما حاولتا إتلاف كتبه وأوراقه، ما اضطره إلى دفعهن إلى خارج مكتبه، وإبلاغ الشرطة المحلية عن الحادث.

 وفي الوقت نفسه، رفعت الطالبتان دعوى قضائية ضد عميد الجامعة بتهمة “ممارسة العنف من قبل مسؤول أثناء تأدية مهامه”، وهي تهمة كانت ستفضي بسجن الكزذغلي لمدة خمس سنوات.

 ونفى الكزذغلي هذا الاتهام، وقال مع أنصاره إن هذه القضية ستكون بمثابة اختبار لاستعداد الحكومة الإسلامية المعتدلة لاحتواء التطرف الديني الزاحف.

 تم تأجيل المحاكمة بصورة متكررة على مدى الأشهر السبعة الماضية. “انتظرنا لفترة طويلة قبل صدور الحكم ببراءة العميد” قالت فضيلة العويني أستاذة بكلية الآداب والفنون والانسانيات بجامعة منوبة وممثلة الأساتذة في النقابة ومجلس الجامعة، مضيفة أن “الأساتذة الإداريين والطلبة لم يستسلموا. قررنا أن نجتمع كل أسبوع بأعداد هائلة أمام المحكمة للتأكيد على حرية القضاء وعلى حرية واستقلالية الجامعة”.

 وأثار الادعاء على العميد انتقادات واسعة من قبل الأساتذة، ومجموعات المجتمع المدني وبعض الأحزاب المعارضة، الذين اتهموا الحكومة التي يقودها حزب النهضة الإسلامي، بالسعي لأسلمة المجتمع.

 وقال خالد شعبان أستاذ اللغة والحضارة الألمانية بكلية الآداب والفنون والإنسانيات في جامعة منوبة إن “القضية كلها موجهة ضد الجامعة، التي تقف ضد ظاهرة السلفية في الجامعة وضد النقاب داخل الحرم الجامعي”، مضيفا أن للجامعة الحق في منع ارتداء النقاب، كما أن الطلبة وقعوا التزاما باحترام قوانين الجامعة قبل التحاقهم بها.. حتى الآن، لا يوجد قانون يسمح بارتداء النقاب في الصفوف الدراسية، ويعتقد أن الجامعات لديها السلطة في اتخاذ القرار بهذا الخصوص بشكل مستقل.

 وتعد جامعة منوبة، التي تضم نحو 13 ألف طالب، معقلا لليسار في تونس وتقع خارج العاصمة.

 وأكدت رابعة بن عاشور رئيسة الجمعية التونسية للدفاع عن القيم الجامعية على أهمية حماية استقلالية الجامعات.لا وقالت بن عاشور “الجامعة هي نموذج صغير للمجتمع ككل”، مضيفة “لا يمكن السماح بفتح الابواب أمام المتطرفين لإبداء آرائهم عن طريق العنف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى