أخبار وتقارير

لا وظائف متوفرة خصوصا للنساء

القاهرة- تخرجت ندى قابيل من الجامعة الألمانية في القاهرة بعد شهرين فقط من اندلاع الثورة المصرية مطلع يناير/كانون الثاني 2011. وبعد مضي عدة أشهر على قيامها بإرسال سيرتها الذاتية إلى العديد من المؤسسات، فقدت قابيل الأمل في إيجاد فرصة عمل لها في مجال دراستها.

 “بمجرد تخرجي، لم تكن هناك وظائف”، قالت قابيل (25 عاما) الحاصلة على شهادة بكالوريوس في التصميم، مضيفة “قدمت طلبات للعمل في كل شيء، أي شيء كنت أفكر فيه”.

 إن ارتفاع معدل البطالة لدى الشباب العربي المتعلم أمر معروف، لكن ما ليس مفهوما في كثير من الأحيان هو صعوبة حصول النساء المتخرجات من الجامعات على وظيفة في البلاد العربية.

 ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقط امرأة واحدة بين كل أربع نساء تعمل أو تبحث عن عمل، أي نصف المعدل العالمي، بناء على تقرير للبنك الدولي صدر في فبراير/شباط الماضي حول المساواة بين الجنسين في العالم العربي.

 وعلى سبيل المثال، في مصر بعد الثورة حيث احصاءات البطالة محبطة، تبدو تلك الاحصاءات أكثر إحباطا بالنسبة للنساء. فقد ارتفعت البطالة بين الشباب إلى 25 في المئة عام 2012 مقارنة مع 13 في المئة للقوى العاملة بأكملها، وفقا لأحدث البيانات الحكومية. وكانت ربع النساء المصريات عاطلات عن العمل في نهاية عام 2012، مقارنة بـ10 في المئة من الرجال. وكان معدل البطالة بين النساء من حملة الشهادات الجامعية 32 في المئة، أي ما يعادل تقريبا ثلاثة أضعاف الذكور المتعلمين عام 2011.

 ومع تباطؤ النشاط الاقتصادي في البلاد، قالت أستاذة علم النفس الاجتماعية في الجامعة الأميركية في القاهرة هانيا الشلقامي إنه أصبح أصعب على النساء الحصول على وظائف. فنسبة التعاقد مع الحكومة تراجعت، والقطاع الخاص لا يزال متحيزا ضد توظيف النساء.

 غير أن العديد من المسؤولين ما بعد الثورة قالوا إن البطالة بين الإناث ليست مشكلة.

 “لا توجد وظائف فقدت، فالاقتصاد يخلق المزيد من فرص العمل بعد الثورة”، قالت الأمين العام للجنة المرأة في حزب الحرية والعدالة الحاكم منال أبو الحسن، مضيفة “في مصر لا يوجد تمييز مباشر ضد النساء، لا شيء يمنع المرأة من الحصول على مناصب عليا. كان هنالك فقط الفساد من قبل النظام القديم”.

 غير أن الإحصاءات تروي قصة مختلفة. ففي مصر والمنطقة العربية، لا تتجاوز نسبة النساء في المناصب الإدارية والقيادية 10 في المئة مقارنة بباقي الدول، وفقا لـ”تقرير التنمية البشرية 2013” الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. كما خلص تقرير البنك الدولي، الصادر في شهر فبراير/شباط الماضي، إلى أن معدل مشاركة القوى العاملة النسائية في المنطقة العربية يرتفع بمعدل 0.17 في المئة سنويا.

 وفي عرض للتقرير في مقر مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت في شهر مارس/آذار، قالت الخبيرة الاقتصادية تارا فيشواناث إن المرأة في منطقة الشرق الأوسط لا تملك شبكة علاقات اجتماعية متطورة وهي بالتالي تعاني من ضعف في ضمان “واسطة” أو في استخدام علاقات شخصية للحصول على وظيفة أو التقدم مهنيا.

 وثمة مشكلة أخرى، قال محللون، هي أن العديد من النساء الراغبات في العمل يفتقرن إلى مهارة هامة. “هناك الكثير من النساء لا يعرفن كيف يبحثن عن وظائف”، قال رئيس “التعليم من أجل التوظيف” جيمي مكوليف، المؤسسة التي تدير ستة برامج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتدريب المتخرجين على كيفية الوصول إلى أرباب العمل وإجراء المقابلات.

 وخلال العرض الخاص بتقرير البنك الدولي، قالت المديرة التنفيذية لمجموعة الأبحاث والتدريب على العمل، ومقرها لبنان، لينا أبو حبيب إن “المشكلة بالحقيقة تكمن في أنه لا أحد يتحمل المسؤولية بخصوص المساواة بين الجنسين، لا الدولة، ولا القطاع الخاص”.

 وفي الأردن، تشكل النساء ثلثي نسبة العاطلين عن العمل من متخرجين مؤسسات التعليم العالي، وفقا لدائرة الإحصاء الأردنية. وفي سوريا التي تعاني من الصراع، ارتفعت نسبة البطالة بين الشباب فيها إلى 35.8 في المئة عام 2011، 27 في المئة منهم ذكور، و71 في المئة منهم إناث. ويضر ارتفاع معدلات البطالة بين النساء بالاقتصادات الوطنية، كما رأى المحللون.

في هذا الإطار، قال رامي زعتري، رئيس فريق “المرصد الوطني للتنافسية”، وهي منظمة سورية غير ربحية مقرها دمشق، إن “دخول المرأة إلى سوق العمل يدعم تقدم الاقتصادات ومعدلات النمو”، مضيفا “هناك صلة وثيقة بين المشاركة الفعالة للمرأة في الاقتصاد وتعزيز القدرة التنافسية”.

قسم الاحصاءات- الأمم المتحدة

في بعض البلدان، مثل السعودية، تقيد الدولة عمل المرأة. إذ تضع المملكة شروطا تحد من فرص العمل للمرأة، كما قال التقرير. وتشمل هذه الشروط أن تكون المرأة “في حاجة” العمل، أن تقوم بوظيفتها بما لا يخالف طبيعتها الأنثوية، وأن لا يتعارض عملها مع واجباتها تجاه زوجها وأسرتها ولا يتسبب في ضرر في المجتمع. ونظرا لقيود المملكة المفروضة على قيادة الإناث للسيارات، فإن هذا يعني أيضا حاجة المرأة لسائق أو لمواصلات عامة في حال توفرها.

ونتيجة لذلك، وصل معدل البطالة بين النساء في السعودية إلى 34 في المئة عام 2012 مقارنة بـ7 في المئة للرجال. أما النساء اللواتي يتلقين إعانات البطالة، فتصل نسبتهن إلى 40 في المئة من الجامعيات.

 رغم ذلك، فإن الحلول بدأت في الظهور والتغيير يحدث ببطء، قال مكوليف، مضيفا أنه بدأ يرى مؤسسات التعليم العالي تتواصل أكثر مع أرباب العمل في القطاع الخاص.

 ففي السعودية، حيث تم في السابق إقفال العديد من الاختصاصات في وجه النساء، سُمح في العام الماضي للمرأة بدراسة العلوم السياسية والقانون وهندسة البترول. وتعد جامعة الملك سعود أول من استقبل طالبات في العلوم السياسية هذا العام بالرغم من أنه لن يسمح للنساء بالتصويت في المملكة قبل عام 2015.

 وفي مصر، حيث يضم القطاع العام بصورة تقليدية شريحة كبيرة من العاملات المتعلمات نتيجة لسياسات عهد الرئيس السابق جمال عبد الناصر حيت كانت الوظائف الحكومية مضمونة بالنسبة للكثيرات. هذه السياسات أعطت المرأة المتزوجة والتي لديها أطفال تقديمات إضافية. يشار إلى أن الحكومة المصرية وظفت نحو 52 في المئة من مجموع النساء العاملات عام 1998.

 قالت هانيا محب، صحافية مصرية مستقلة عملت سابقا مع القطاع الحكومي، إن “النساء تفضلن الوظائف الحكومية بسبب ضمان استمرارية العمل، ساعات العمل القصيرة وتقديمات الضمان الاجتماعي التي تستمر لسنوات ما بعد التقاعد”.

 إلا أن تعليق برامج التوظيف الحكومي المضمونة في تسعينيات القرن الماضي والإصلاحات المتعلقة بتقليص برامج الرعاية أضرا كثيرا بالنساء.

 ووفقا لتقرير الأمم المتحدة الصادر في يناير/كانون الثاني الماضي فإنه “في الوقت الذي يستطيع فيه الرجال المتعلمين المؤهلين للتوظيف في القطاع العام إيجاد فرص عمل في القطاع الخاص، اضطرت النساء إلى الانتقال إلى مجالات العمل في الزراعة ذات الانتاجية المنخفضة أو ترك سوق العمل”.

 تلعب التوقعات الثقافية دورا سلبيا حينما يتعلق الأمر بإيجاد فرصة عمل للنساء بعيدا عن القطاع العام، قال تقرير الأمم المتحدة، الذي أشار إلى وجود مخاوف تتعلق بالسلامة الشخصية والتوقعات الاجتماعية المتعلقة بالمسؤولية تجاه العائلة. فالزواج، وبصورة واضحة، يؤثر سلبا على فرص توظيف المرأة العربية. فقد أشار استطلاع للرأي أجري لمتخرجين من الجامعة الأردنية عام 2010 إلى أن 92 في المئة من المتخرجات يريدن العمل. وبعد مرور عام، تم توظيف 7 في المئة فقط من المتخرجات المتزوجات، بينما تم توظيف 21 في المئة من المتخرجات غير المتزوجات.

 في مصر، حيث يتحول سوق العمل من القطاع العام إلى القطاع الخاص، فإن كلا من المتزوجات وغير المتزوجات يجدن صعوبة في الحصول على عمل إذ يعتقد أرباب العمل أن النساء أقل انتاجية وكفاءة من الرجال، بحسب محللين. وقد شهدت نساء عدة على هذا التمييز ضدهن.

 عائشة منصور، (29 عاما)، التي تخرجت أيضا عام 2011، وجدت نفسها المرأة الوحيدة التي تعمل إلى جانب مئات من الرجال في إحدى شركات تأثيث المكاتب في القاهرة، رغم أن معظم زملائها في الدراسة كن نساء. عندما أصبحت مسؤولة عن التوظيف، باءت كل محاولتها لتوظيف مزيد من النساء بالفشل.

 ” مهما كانت من اقترحت كانوا يقولون لا (إنها فتاة) ولن تتمكن من إنجاز العمل،”  قالت منصور. ” هذا صعب جداً”.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى