أخبار وتقارير

لا أساتذة جدد.. الجامعة اللبنانية في خطر

بيروت- يعيش أكثر من 650 أستاذ جامعي في الجامعة الحكومية الوحيدة في لبنان رهينة لواقع العمل بدوام جزئي، ما يشل قدرتهم على إجراء البحوث وتطوير أدائهم داخل الجامعة.

ورغم أن الجامعة اللبنانية تحتضن نحو 60 ألف طالب من الطبقة الفقيرة والمتوسطة من غير القادرين على تسديد الرسوم الجامعية الباهظة للجامعات الخاصة في البلاد، إلا أنها لم تعمد إلى بتفريغ أي أستاذ جامعي بدوام كامل منذ عام 2008.

وعلى الرغم من ذلك فإن أكثر من 100 أستاذ جامعي يحالون على التقاعد سنويا، ويتم ملء الأمكنة الشاغرة بأساتذة متعاقدين. “الجامعة َتفرغ من أساتذتها”، قال شربل كفوري أمين الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية ورئيسها السابق.

وعلى عكس الأساتذة المتفرغين، تُدفع رواتب الأساتذة المتعاقدين وفق مبدأ الساعة التدريسية، وليس بصورة شهرية وإنما مع انتهاء كل سنة دراسية. كما يعاني الاساتذة المتعاقدون من غياب الرعاية الصحية وعدم إمكانية الالتحاق بالضمان الاجتماعي اللبناني.

فشلت الحكومة اللبنانية في الموافقة على مسودة قرار لتثبيت هؤلاء الأساتذة وتحويلهم لأساتذة متفرغين، رغم محاولات الأساتذة للضغط على السياسيين من خلال الإضرابات والاعتصامات.

وأساتذة الجامعة اللبنانية يعملون في 17 كلية ضمن 50 فرع للجامعة، يناضلون للحصول على مطلبهم بالتفرغ ومعظمهم من حملة شهادات الدكتوراة ويدرّسون في الجامعة منذ سنوات طويلة.

“ملف تفرغ الأساتذة المتعاقدين ضرورة وحاجة ملحة للجامعة، التي تَفرغ من أساتذتها لبلوغهم السن القانونية”، قال كفوري، مشيرا إلى حاجة الجامعة إلى التطوير عبر فتح أقسام أكاديمية جديدة تستوعب أعداد أكبر من الطلاب وتستجيب لمتطلبات سوق العمل.

بحسب القانون الذي يحكم الجامعة، فإن كل أستاذ جامعي متعاقد يتحول بشكل تلقائي إلى أستاذ متفرغ بعد مرور عام كامل على عمله في الجامعة. إلا أنه وفي عام 1997، أصدرت الحكومة اللبنانية قرارا قضى بسحب صلاحيات التوظيف من مجلس الجامعة اللبنانية، وحصرها بالحكومة، ما أدى إلى وقف التوظيف وتفريغ أساتذة وإدخالهم في ملاك الجامعة.

ووفقا للقانون، تُدار الجامعة اللبنانية من قبل الرئيس ومجلس يضم عمداء الكليات، الذين من المفترض أن يمثلوا الأساتذة والباحثين العاملين في الجامعة. ويصدر عن المجلس كافة القرارات الإدارية والأكاديمية، مثل تغيير المناهج الدراسية، وإدخال تخصصات جديدة وتعيين الأساتذة.

وفي عام 2004، برزت مشكلة جديدة متعلقة بعمداء الكليات، إذ من حينه لم يعين عمداء أصلاء، وإنما عمداء بالتكليف، مما جعل الجامعة بلا مجلس أصيل. ومنذ ذلك الحين، الجامعة مرهونة بالتجاذبات السياسية، وتخضع لوصاية وزير التربية والتعليم العالي.

وقام في العام الماضي الأساتذة المتفرغون بإضراب استمر لمدة 50 يوما مطالبين بزيادة رواتبهم الأمر الذي استجابت له الحكومة مطلع العام الحالي. ووعدت الحكومة بإجراء تعيينات مجلس الجامعة وحل قضية الأساتذة المتعاقدين، إلا أن قرارا رسميا لم يتخذ حتى الآن.

“لدينا صلاحيات قليلة”، قال كفوري. ولا يملك العمداء المكلفين حماسا كبيرا للعمل لكونهم يعرفون أنه يمكن استبدالهم في أي وقت.

وأضاف كفوري أن “استقلالية الجامعة، التي هي أساس دورها، غير محققة”.

قام الأساتذة المتعاقدون بتنفيذ العديد من الإضرابات والاعتصامات في محاولة منهم للضغط على الحكومة واستعادة حقهم بالحصول على عقد التفرغ، إلا أنهم تراجعوا بعد وعود الحكومة بإيجاد حل.

غير أن تعيين أستاذ بصفة متفرغ قبل تقاعده بسبعة أيام في مارس/آذار الماضي أعاد قضية الأستاذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية إلى الواجهة.

“مشكلة الجامعة قضية حاسمة”، قال رئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسين الذي يلقي باللوم على الحكومات السابقة التي لم تظهر رغبة حقيقية لحل هذه القضية.

قال السيد حسين “ملف الأساتذة يقبع في أدراج الحكومة منذ أكثر من عام، التأخير ليس مقبول”.

بدوره، قال مدير مكتب تأهيل الطلاب باللغات الأجنبية في الجامعة جوزف شريم “هنالك حوالي ألف أستاذ في الملاك، وما يزيد عن ثلاثة آلاف متعاقد بالساعة”، إلا أن ليس كل هؤلاء الأساتذة يرغبون بالعمل بدوام كامل. “هناك العديد من الأساتذة لا يريدون التفرغ، لكونهم أطباء ومهندسين، وصيادلة، يفضلون العمل بالساعة”، قال شريم الذي يعتقد أن الجامعة تخوض صراعا مع الحكومة لاستعادة صلاحياتها الإدارية.

لا حلول ممكنة تلوح في الأفق القريب خاصة بعد استقالة الحكومة اللبنانية. “الجامعة وحدها تدفع الثمن” قال شريم. “لا يملك الأساتذة وقتا لإغناء البحث العلمي”، مشيرا إلى أن “تفرغ الأساتذة حاجة ضرورية لتطوير الجامعة اللبنانية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى