أخبار وتقارير

تدريب المرأة.. حاجة لتخطي عقبات عدم توظيفها

القاهرة- تعرف يسرا العرفاوي أهمية التعليم والتدريب العملي أفضل من الكثيرين. فقد تركت دراستها الجامعية بالإدارة في تونس وهي في عامها الثاني للحصول على وظيفة مربحة كمضيفة طيران على متن الخطوط الجوية القطرية، لكنها عادت إلى البلاد بعد الثورة عام 2011 لتجد العاصمة مليئة بالشباب المحبطين والباحثين عن فرص عمل.

 قالت العرفاوي إن سوق العمل مليء بالتحديات خصوصا للنساء، فهن يعانين من تمييز اجتماعي كبير قبل أن يدخل التعليم والمؤهلات في الاعتبار، مشيرة إلى أنه “من الصعب جدا بالنسبة للمرأة أن تخرج حتى من المنزل، فالوضع غير آمن على الإطلاق”، مضيفة “يتم الحكم عليك بحسب من تكونين، ماذا ترتدين وكيف تتحدثين”.

 وبعد أكثر من عام أمضته بحثا عن وظيفة، تلقت العرفاوي مكالمة هاتفية من شركة التصميم والطباعة “فيستابرنت” (VistaPrint). لكن قبل أن تحصل على الوظيفة، اشترطت الشركة الأميركية بأن تخضع أولا للتدريب مع منظمة “التعليم من أجل التوظيف” (EFE) الدولية، وهي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن وتتشارك مع مؤسسات القطاع الخاص المحلية لتدريب المتخرجين الشباب.

 وعلى مدى عدة أسابيع من ورش العمل الهادفة لإعداد المتخرجين الجدد للدخول إلى سوق العمل، تعلمت العرفاوي أساسيات الاتصال في مكان العمل وكيفية إدارة الضغط. وقالت “لقد تعلمت كيفية التحدث مع رئيسك في العمل، كيفية اكتشاف نقاط القوة الخاصة بك، وأهمية العمل  ضمن فريق”.  وأضافت أن التدريب العملي الذي حصلت عليه هو أكثر أهمية من أي شيء آخر اختبرته في حياتها سواء في تونس أو خارجها كما أنه مختلف تماما عن ما تعلمته في الجامعة التي تعتمد مبدأ الحفظ عن ظهر قلب والاختبارات.

 “لا توجد جامعة في تونس تقدم مثل هذا التدريب.. لدي أمل الآن، أستطيع أن أطور نفسي. لا يزال هنالك فرصة”، قالت العرفاوي.

 حتى الآن، تخرّج أكثر من 540 طالبا من منظمة “التعليم من أجل التوظيف” في تونس منذ انطلاقة البرنامج عام 2012، حوالي 67 في المئة منهم من النساء.  إلا أن هذا لا يعني أن الجميع يجد وظائف، حتى بعد التدريب. إذ تختلف معدلات توظيف المتخرجين من المنظمة من بلد لآخر، وتتراوح من 66 في المئة في اليمن إلى 84 في المئة في مصر مع نهاية عام 2012.

يشار إلى أن المنظمة دربت في المنطقة العربية حوالي ثلاثة آلاف شاب، معظمهم من النساء، منذ عام 2006.

 هذا البرنامج هو واحد من بين البرامج المتزايدة غير الربحية في معظمها والتي تقوم على جهد خاص محاولة ردم الهوة بين التعليم والمتطلبات المتغيرة لأرباب العمل الشرق أوسطيين.

 بعض هذه المشاريع، خاصة تلك المتخصصة في ريادة الأعمال أو التكنولوجيا، تركز على المتخرجات​​. وقالت المشاركات إن البرامج تراعي الضغوط غير العادية التي تواجهها المتخرجات​​، من اختيار الاختصاص الجامعي أو المهنة وصولا إلى عدم المرونة أو عدم وجود نظام العمل الجزئي في التوظيف لمراعاة المطالب العائلية.

 استطاعت جمعية “التقدم الإجمالي للمرأة والتنمية”، التي ترعاها شركات خاصة في مصر وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى تعزيز شبكات الإرشاد وتنظيم المشاريع والتدريب على المهارات، تخريج نحو 1500 سيدة من برامجها التدريبية منذ بدء نشاطها أواخر عام 2008.

وقالت رئيسة الجمعية، شيرين علام، إن مساعدة النساء لتطوير قدراتهن على صنع قرار مستقل وعلى مهارات الاتصال، وعلى احترام الذات، تشكل المفتاح لتشجيع المزيد من النساء القادة.

 وأضافت علام أن “برنامج التوجيه هو مساعدة كبيرة للمرأة”، واصفة استراتيجية الجمعية في المشاركة لوضع مواصفات القدوة لسيدات الأعمال الناجحات. “مع هذه المهارات يمكنهن إيجاد الطريق الصحيح، لمواجهة كل الأمور في الحياة، سواء على المستوى المهني أو الشخصي”.

 في قطر، تعمل العديد من المنظمات أيضا مع المتخرجات ​​لتطوير مهارات الاتصالات وتنميتها للمساعدة في سوق العمل.

 “نحن نركز على السلوك أولا والمرتبط كثيرا بالثقة بالنفس” قالت كارولين زيتلر، مؤسسة منظمة أركاتا ومقرها الدوحة، والتي تعمل مع العاطلين عن العمل ومع الراغبين بتطوير حياتهم المهنية، مشيرة إلى أن “النساء يملن إلى التواضع عندما يتعلق الأمر بنقاط قوتهن”.

 وتعمل برامج أخرى في منطقة الشرق الأوسط مع كل من العاملين في القطاع الخاص والجامعات لإعطاء النساء الوسائل اللازمة لإظهار مؤهلاتهن الأكاديمية في المهارات العملية التي يمكن أن تعطي لهن ميزة في سوق العمل.

 “السؤال عن التعليم العام بصفة عامة ليس عما تعرفينه، وإنما عما يمكنك القيام به من خلال هذه المعرفة”، قالت شاهيناز أحمد، الرئيسة التنفيذية للتعليم من أجل التوظيف في مصر، والتي انطلقت عام 2009.

 وفي مشروع آخر، يعمل 14 مركزا للتطوير الوظيفي معا بهدف تزويد الطلبة بالمهارات التوظيفية والوصول إلى الشركات المحلية والوطنية التي يجري إنشاؤها في أنحاء مصر، بتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) والجامعة الأميركية في القاهرة، وكذلك منظمات مصرية وأميركية لا تبغي الربح وتركز على التعليم. ويستهدف هذا المشروع النساء، اللواتي أظهرت الدراسات ميلهن للاستفادة أكبر من الموارد المتاحة مثل المكتبات ومختبرات الكومبيوتر.

 وفي الوقت نفسه، تقوم العديد من الشركات الخاصة في قطاعات النفط والغاز والاتصالات المصرية، مثل إكسون موبيل وموبي نيل، بتوظيف النساء من خلال مراكز التوظيف في الجامعات الخاصة والبرامج مثل “إنجاز مصر”، والتي تقدم المهارات اللازمة لإعداد المتخرجات لسوق العمل، بما في ذلك محو الأمية المالية وريادة الأعمال.

قالت أحمد إن هذه الشركات تطلب على وجه التحديد توظيف النساء لاعتقادهن بأنهن من بين القوى العاملة التي لديها الاستعداد للقيام بخطوات إضافية لإثبات أنفسهن في مكان عمل يهمين عليه الذكور.

 وأظهرت مؤسسة غولدمان ساكس أيضا التزامها بتوظيف المزيد من النساء المصريات ضمن برنامجها الخاص بريادة المرأة والقيادة، الذي بدأ عام 2008 كجزء من “10000 امرأة” في مبادرة عالمية تهدف إلى تدريب النساء على القيادة، والمهارات الريادية والمحاسبة واستراتيجية الأعمال.

 حتى الآن، تخرج من برنامج غولدمان ساكس الذي تديره كلية إدارة الأعمال الجامعة الأميركية في القاهرة، نحو 235 رائدة عمل. وقالت المؤسسة إن الاستثمار في المرأة هو واحد من أكثر “الوسائل الفعالة لدفع عجلة النمو الاقتصادي. (انظر مقال آخر الفنار، تعليم ريادة الأعمال.)

https://www.bue.edu.eg/

 ومع ذلك، يقول المراقبون إن البرامج المصممة للنساء نادرة وأن العديد من أرباب العمل لا يزالون مترددين حيال توظيف النساء. في هذا الإطار، أشارت زيتلر إلى أنه “لا يزال هنالك صعوبات خاصة في عالم الأعمال والبناء والمعلوماتية”. فيما لفتت العرفاوي، التي حظيت بعد التدريب بوظيفة في VistaPrint، إلى أن زميلاتها لن يكونوا محظوظات مثلها، مضيفة “إنهن يقضين حياتهن بأكملها بين الكتب والامتحانات ولا يمكنهن حتى التحدث في الأماكن العامة”. وقالت “لسن مستعدات ولا يعرفن كيفية البحث عن وظائف”.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى