أخبار وتقارير

بعد تحقيق مطالبهم…أساتذة التعليم الثانوي يعلقون اضرابهم

بعد نجاح اضراب أساتذة الجامعة اللبنانية، المؤسسة التعليمية الحكومية الوحيدة للتعليم العالي في لبنان، في الحصول على زيادة الرواتب، يحقق اضراب أساتذة التعليم الثانوي  نجاحاً مماثلاً معلناً تعليقه رسمياً بعدما  أصاب مختلف مفاصل نظام التعليم العام في البلاد بالشلل.

ففي أواخر العام الماضي، وبعد إضراب عام استمر لـ50 يوماً، تمكن الأساتذة المتفرغون في الجامعة اللبنانية، والتي تضم أكثر من 70 ألف طالب وطالبة، من كسب معركة المطالبة بزيادة أجورهم. نجاح الأساتذة الجامعيين شجع أساتذة التعليم الثانوي وبعض موظفي القطاع العام للبدء في إضراب مشابه ينادي بالمطلب ذاته.

الإضراب الجديد أفرغ المدارس ومنع الكثيرين من التعليم العام في البلاد. فمنذ 19 شباط/فبراير، أقدم مدرسو القطاع العام وبعض من مدرسي القطاع الخاص، والموظفون الإداريون في الجامعة اللبنانية ووزارة التعليم العالي، والعديد من موظفي القطاع العام على إضراب مفتوح، يطالبون فيه مجلس الوزراء باعتماد جدول جديد للمرتبات وإرسال القانون إلى البرلمان لإقراره بصورة نهائية.

ونظمت هيئة التنسيق النقابية اعتصامات يومية واحتجاجات بالقرب من المؤسسات الحكومية. كما انطلق المحتجون الغاضبون في تظاهرات واسعة شملت جميع أنحاء لبنان كما تم تشكيل لجان للإضراب في أماكن العمل المختلفة لدعم مطالب المضربين.

“رواتبنا تتآكل، لم نحظ بأي زيادة حقيقية منذ عام 1996″، يقول بيار مالك، مدرس الفلسفة والحضارة لطلاب المدرسة الثانوية. “لم يكن هناك استجابة جادة لمطالب المعلمين المشروعة، على الرغم من زيادة معدل التضخم لأكثر من 100 في المئة خلال هذه الفترة”.

الأعمال الإدارية والمعاملات الرسمية توقفت بسبب مشاركة موظفي القطاع العام في الإضراب. كما تم تعليق منشورات في معظم المكاتب العامة بما فيها وزارة التعليم العالي والجامعة اللبنانية تقول: “نعتذر عن الخدمة؛ الإضراب مستمر”.

وفي الوقت الذي استمر موظفو وزارة التعليم العالي في الحضور إلى مكاتبهم، إلا أنهم امتنعوا عن التوقيع على أي وثائق رسمية. “نحن لا نهدف إلى الاضرار بالآخرين، ومع ذلك، فإننا سوف نستمر حتى يتم تلبية مطالبنا”، يقول موظف في وزارة التعليم العالي.

ودعم الأكاديميون في الجامعة اللبنانية إضراب أساتذة الثانوية. “نحن نتفهم مطالب معلمي المدارس الثانوية وندعم حقوقهم بشدة في الحصول على أجور أعلى”، يقول شربل كفوري، الرئيس السابق وأمين السر الحالي لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية. الجامعة استجابت  لدعوة هيئة تنسيق النقابة اللبنانية وشاركت في الإضراب من خلال تعليق الدروس لمدة يومين.

 تعتبر الرواتب في لبنان بشكل عام منخفضة، فالأجور في كل من القطاعين العام والخاص في البلاد لا تشكل أكثر من 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي واحدة من أدنى النسب في العالم، بحسب دراسة لاتحاد الغرف التجارية اللبنانية نشرت العام الماضي.

في مطلع أيلول/سبتمبر 2012، وافق مجلس الوزراء اللبناني على جدول جديد للرتب والرواتب لجميع موظفي القطاع العام. إلا أن الحكومة كانت تبحث سبل تأمين موارد لدفع هذه الزيادات التي يمكن أن تكلف أكثر من 1.2 مليار دولار، في الوقت الذي يعاني فيه اقتصاد البلاد من الضعف. من جهتها، ضغطت الهيئات الاقتصادية اللبنانية الخاصة لعدم الموافقة على جدول الأجور الجديد، مؤكدة أنه سيغذي التضخم.

وفي الوقت الذي أغلقت فيه المدارس الحكومية أبوابها، لم تلتزم جميع المدارس الخاصة في لبنان بالإضراب. إذ أعلن بعض أصحاب المدارس الخاصة أن زيادة أجور المعلمين ستضطرهم إلى زيادة الرسوم المدرسية.

وفي 3 آذار/مارس، أعلن نعمة محفوظ، نقيب المعلمين في المدارس الخاصة، أن المدارس الخاصة في لبنان سوف تستأنف الدراسة. مضيفاً بعد اجتماع لمعلمي المدارس الخاصة “سنغير أسلوبنا في الاحتجاج ونعتمد أساليب أخرى لا تضر الطلاب. بإمكاننا تعليم الطلاب والاستمرار في الاحتجاج خلال فترة ما بعد الظهر”.

 إلا أن 40000 معلم في المدارس الحكومية مسؤولين عن 150,000 طالب، استمروا في الإضراب.

 في 12 آذار/مارس، خرج مئات المعلمين مع مجموعة كبيرة من الطلاب وذويهم للإضراب  والاحتجاج أمام وزارة التربية والتعليم في منطقة اليونسكو في بيروت استجابة لدعوة هيئة التنسيق النقابية. ويوماً بعد يوم تفاقمت المشكلة، حسبما رأى بعض المحتجين. “إذا لم يتم التوصل لحل سريع، هذا الإضراب سيتحول إلى ثورة جياع”، يقول ربيع شلهوب، مدرس ثانوي، بحزن. شلهوب، كالعديد من زملائه، يعتقد أن الأساتذة أصبحوا ضحية للنزاعات السياسية في البلاد.

وفي الوقت نفسه، فإن العملية التعليمية عانت من تخبط واضح. “لن يقوم الطلاب بالامتحانات الرسمية ما لم يتم استكمال مناهجهم الدراسية”، يقول حنا غريب، رئيس هيئة التنسيق النقابية، مضيفا أن المعلمين  على استعداد لتعويض أيام الدراسة الضائعة بسبب الإضراب. ولكن إذا تم تأجيل الامتحانات، لن يتمكن الطلاب من إنهاء دراستهم في الوقت المناسب لموعد الالتحاق بالجامعات سواء في لبنان أو في أي بلد آخر.

ويقول المدرسون المضربون أنهم لم يشعروا بالذنب تجاه تعطيل الدروس. “إننا نعطي دروساً للطلاب”، يقول مالك، “دروس في كيفية ممارسة الديموقراطية بطريقة سلمية وحضارية، وهذا هو الدرس الأكثر أهمية في الحياة”.

في 21 أذار /مارس، أحال مجلس الوزراء اللبناني أخيراً جدول الأجور الجديد إلى البرلمان للتصويت. حيث تم ربط رفع الأجور مع زيادة عدد ساعات العمل من 32 أسبوعيا الى 35، وإضافة خمس سنوات على سنين الخدمة لتصبح 25 قبل الحق بالحصول على التعويض.

من جانبها، أعلنت لجنة التنسيق النقابية تعليقها للاضراب، مع تأكيدها على تأجيل موعد الامتحانات الرسمية اللبنانية لمدة شهر على الأقل. “في الوقت الراهن نحن نعمل على تأجيل الامتحانات الرسمية بنحو شهر واحد للسماح للطلاب لإسنكمال المناهج الدراسية”، أعلن غريب في حديث مع تلفزيون محلي يوم أمس.

تعليق واحد

  1. نشكر لكم اهتمامكم بقضيّتنا، ونحن بدورنا بدأنا ننفّذ ما تعهّدنا به من تعليم في أيام العطل وتأخير نهاية العام الدراسي، كيلا نفوّت على الطلاّب شيئًا من المنهاج. إلاّ أنّ المهم هو ما حققناه من قفزة نوعية في العمل النقابي في لبنان، فإقرار السلسلة تحت ضغط الشارع كان لنا ربحًا معنويًا أكثر منه إفادة ماديّة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى