أخبار وتقارير

تركيا: طلاب عرب يواجهون خطر الاعتقال والترحيل

اعتقلت السلطات التركية مؤخراً طلاباً عرباً، درسوا سابقاً في جامعات تُعتبر تابعة لرجل الدين المعارض عبد الله كولن، في مسعى لترحيلهم خارج البلاد. كما سبق وأن قامت بترحيل طلاب أخرين العام الماضي الأمر الذي يزيد من مخاوف اعتقال وترحيل المزيد منهم.

أجرت الفنار للإعلام  سلسلة مقابلات مع عدد من الطلاب السوريين واليمنيين وذويهم، ممن تم اعتقالهم أو ترحيلهم أو إعادتهم إلى بلدانهم من مطار أتاتورك في اسطنبول عندما حاولوا العودة لاستكمال دراستهم. كما كشفت اتصالات أجريناها مع خمس منظمات حقوقية عدم إدراك هذه المنظمات لوضع الطلاب، حيث لم يتمكن أحد من التعليق على الأحداث الأخيرة لكون العديد من المنظمات تكرس جهودها لمناصرة فئات معينة، مثل حماية الصحافيين أو الأساتذة، ولا تعتبر الطلاب جزءاً من تخصصهم.

أكد القنصل اليمني في اسطنبول محمد المشهري خلال مقابلة هاتفية مع الفنار للإعلام اعتقال طلاب من بلاده. وقال إن “معظم الطلاب العرب والدوليين الذين كانوا يدرسون سابقاً في جامعات مرتبطة بفتح الله كولن يتعرضون للتهديد،” مضيفاً “اليوم، يخشى الطلاب الذين لم يتم اعتقالهم من الاعتقال أو الترحيل.”

اعتقلت السلطات التركية في  14 آذار/مارس الماضي، إبراهيم توفيق محمد أنعام، طالب يمني، واحتجزته في سجن الأجانب بمدينة أزمير، بحسب ما قال خاله أنور عبده المقيم باسطنبول حالياً. بعد ثلاثة أيام من ذلك التاريخ، اعتقلت قوات الأمن التركية طالبين سوريين هما فيصل بساطة وعبد السلام سالم، في مكتب الهجرة في غازي عنتاب، وفقاً لمنصة “حركة” التي تتابع التناول التركي لقضية المهاجرين، بساطة وسالم ذهبوا لتجديد تصريح الإقامة عندما تم اعتقالهم.

لاتبدو أسباب الاحتجاز معروفة، بحسب أقرباء الطلاب الموقوفين وما نشر عن القضية. لكن الطلاب الثلاثة كانوا يدرسون في الجامعات التي أغلقتها الحكومة التركية الصيف الماضي. ففي أعقاب أحداث الانقلاب العسكري الفاشل في تموز/ يوليو 2016، أغلقت الحكومة 15 جامعة، وفقاً لشبكة “علماء في خطر“، وهي مجموعة مقرها نيويورك وتناصر قضايا الحرية الأكاديمية. تتبع الجامعات المغلقة حركة (الخدمة) التي يتزعمها عبد الله كولن، والتي يتهمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالوقوف وراء محاولة الانقلاب العسكري الفاشل.

قال أنور عبده خال الطالب اليمني المحتجز إن السلطات التركية تمارس ضغوطاً على ابن أخيه لترحيله، رغم أنه “لم يرتكب أي خطأ.”

جاء أنعم إلى تركيا قبل ثلاث سنوات ونصف، للدراسة على نفقته الخاصة. التحق في البداية بجامعة زرفا في مدينة غازي عنتاب، ثم انتقل إلى جامعة جيديز في مدينة أزمير ليتمكن من دراسة الهندسة الإلكترونية باللغة الإنجليزية. لاحقاً، كان ضمن مئات الطلاب الذين نقلتهم السلطات إلى جامعات حكومية أخرى، بعد إغلاق جامعاتهم للاشتباه بتبعيتها لجماعة “الخدمة”.

https://www.bue.edu.eg/

عندما ذهب أنعم إلى إدارة الهجرة التركية لتجديد إقامته، تم رفض طلبه، وبعد بضعة أسابيع تم اعتقاله، في إدارة الهجرة. قال أنور “تحاول السفارة اليمنية المساعدة، لكن إمكانية ترحيل ابن شقيقتي قبل إتمام دراسته محتمل جداً.”

ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية أن قوات الشرطة التركية اعتقلت أكثر من ألف شخص وأوقفت أكثر من 9.100 شخص الشهر الماضي للاشتباه بصلتهم بفتح الله كولن. تزامنت الحملة الأمنية مع استفتاء على التعديلات الدستورية في 16 نيسان / أبريل، والتي وضعت مزيد من السلطة في أيدي الرئيس رجب طيب أردوغان.

لم يتم مواجهة أي من الطلاب المحتجزين الذين تواصلت معهم الفنار للإعلام بأي اتهامات رسمية. لكن الطلاب يتعرضون لضغوط من السطات للتوقيع على أوراق تفيد أنهم غادروا الأراضي التركية طواعية، وهو أمر مخالف للحقيقة، حيث أنهم يصرون على البقاء فى تركيا لمواصلة دراستهم.

قال شقيق أحد الطلاب السوريين الموقوفين “كان أخي تحت ضغط كبير للتوقيع على نموذج مغادرة طوعي للانتقال إلى أي بلد يقبل دخول السوريين بدون تأشيرة، لكنه رفض.” وأضاف “إذا استمر اعتقاله فلن يتمكن من إجراء امتحاناته النهائية هذا العام.”

تم بالفعل ترحيل بعض الطلاب السوريين واليمنيين العام الماضي.

قال زيد مغير، الطالب اليمني الذي تم ترحيله إلى صنعاء العام الماضي، “تركت تركيا دون أي شهادات تثبت استكمالي الدراسة لثلاثة سنوات في تركيا، لذلك لا أستطيع الآن الالتحاق بأي جامعة يمنية أوغير يمنية، لا أعرف ماذا أفعل.”

جاء المغير إلى تركيا للدراسة على نفقته الخاصة وبدأ في دراسة اللغة التركية لمدة عام في جامعة باموكالي في دنيزلي، وهي مدينة تقع جنوب غرب اسطنبول. ثم انتقل إلى جامعة إسكندرون التقنية، بمدينة هاتاي في أقصى الجنوب التركي، كلا الجامعتين لم تكونا ضمن الجامعات التي تم إغلاقها، لكن المغير كان يقيم في سكن طلابي مرتبطة بجماعة “الخدمة” التابعة لكولن.

قال “بعد أسبوعين من الانقلاب الفاشل، اقتحمت الشرطة السكن واعتقلت العديد من الطلاب كنت من بينهم، أجبرتني الشرطة على التوقيع على تعهد يفيد بأنني أحد أعضاء جماعة الخدمة، ثم رحلوني مقيداً إلى صنعاء.”

تواجه طالبة يمنية أخرى في السنة الثالثة بكلية إدارة الأعمال في إحدى الجامعات التي يشتبه في ارتباطها بكولن، طلبت عدم الكشف عن اسمها، أيضاً مستقبلاً أكاديمياً مجهولاً.

قالت “لم أقم بأي فعل غير قانوني، كنت أدرس في جامعة تركية مرخصة من السلطات، أغلقتها الحكومة ونقلتنا لجامعة أخرى. لكن عندما ذهبت إلى قسم الهجرة في منطقة الفاتح في اسطنبول لتحديث معلومات الاتصال الخاصة بي اعتقلت لمدة أسبوعين، ثم تم ترحيلي إلى اليمن.”

حالياً، تتواجد الطالبة في صنعاء لكنها وكلت محامي في تركيا لمساعدتها على العودة إلى تركيا أو الحصول على نسخة من شهادتها الدراسية، حتى لا تضطر إلى بدء دراستها من جديد.

لا تتوفر أي إحصاءات عن عدد الطلاب المرحلين، لكن الخوف بين الطلاب العرب والأجانب في تركيا يتزايد يوماً بعد يوم. مما دفع بالعديد من الطلاب إلى عدم تجديد تصاريح الإقامة في إدارة الهجرة لتجنب احتمال الاعتقال.

في المقابل، لا تبدو منظمات حقوق الإنسان على إطلاع بما يجري للطلاب. قالت ممثلة منظمة هيومن رايتس ووتش في تركيا، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الفنار للإعلام،”للأسف لم نبحث في أوضاع الطلاب الدوليين في تركيا، لذلك لايمكننا التعليق على هذه المسألة في الوقت الحاضر.”

بدورها،  لاتزال شبكة علماء في خطر تستقصي الأحداث. قال دانييل مونييه، مدير برنامج في الشبكة في رسالة إلكترونية، “بحسب فهمنا فإن الطلاب من الجامعات المغلقة سيتم نقلهم أو السماح لهم بالانتقال إلى الجامعات الحكومية، لكننا نعرف أيضاً أن هذا الخيار لم يكن خياراً عملياً بالنسبة لبعض الطلاب أو لم يكن ممكناً.”لسوء الحظ، ليس لدينا فهم واضح لحالة الطلاب الدوليين من هذه الجامعات.”

يذكر أن البرلمان التركي أقر تمديد حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر أخرى حتى 19 تموز/ يوليو، الأمر الذي يضع مزيد من السلطة التنفيذية في أيدي قوات الأمن ويترك مصير الطلاب معلقاً مع القليل من الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي من المحتمل أن تغير احتمالات اعتقالهم وترحيلهم.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى