مقالات رأي

التقييد على الحرية الأكاديمية في مصر مازال مستمراً

بالتزامن مع ازدياد المخاوف حول مستقبل حرية التعبير في مصر، تصدر مؤسسة حرية الفكر والتعبير تقريرها للربع الأول من عام 2017.

يكشف التقرير الجديد، والذي يغطي 7 أقسام تشمل: حرية الصحافة واﻹعلام، وحرية اﻹبداع، وحرية تداول المعلومات، وحرية التعبير الرقمي، والحق في الخصوصية، والحرية الأكاديمية والحقوق والحريات الطلابية، استمرار انتهاكات السلطة التنفيذية للحرية الأكاديمية من خلال تشديد القيود على حركة الطلاب والأساتذة وملاحقتها لهم أمنياً وقضائياً.

فعلى سبيل المثال، مازال اشتراط  حصول أعضاء هيئة التدريس على الموافقة الأمنية قبل سفرهم للخارج في مهام علمية قيد التنفيذ، فضلاً عن إصدار خطابات رسمية صادرة عن مساعد أول وزير التعليم العالي للعلاقات الثقافية والبعثات، تطلب من وزارة الخارجية عدم السماح بسفر قيادات وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات الحكومية والمراكز البحثية للخارج دون وجود قرار وزاري أو موافقة من وزير التعليم العالى والبحث العلمى. كما بدأت جامعتي الاسكندرية وطنطا، منذ كانون الثاني/يناير 2017، بإرسال طلبات سفر أعضاء هيئة التدريس إلى وزارة الخارجية للحصول على موافقتها طبقا لتعليمات وزارة التعليم العالي.

تعد القيود الجديدة مخالفة صريحة للقانون وتشكل إنتهاكاً إضافياً لاستقلالية الجامعات في إدارة الشأن الأكاديمي، فضلاً عن كونه مدخلاً غير مباشر يتيح للأجهزة الأمنية مواصلة تدخلها في سفر أعضاء هيئة التدريس.

خلال الربع الأول من العام الحالي، أقر وزير التعليم العالي تشكيل لجنة مختصة بترشيح القيادات الجامعية. يمنح القرار الجديد سلطة جديدة  لوزير التعليم العالي تتمثل في الاعتراض على ترشيحات اللجان المختصة وإعادة إجراءات الترشيح مرة أخرى. مما يرسخ تدخلات السلطة التنفيذية في اختيار القيادات الجامعية، منذ منح الرئيس لسلطة تعيين القيادات الجامعية وإلغاء نظام الانتخاب في العام 2014.

أما فيما يتعلق بالحقوق والحريات الطلابية، فقد شهد الربع الأول من العام تدخل وزارة التعليم العالي لوضع لائحة طلابية جديدة بما يزيد من تدخلات الوزارة في انتخابات الهيئات الطلابية عبر وضع شروط جديدة للترشح والحد من الاستقلالية المالية لاتحادات الطلاب مما سيقود إلى إضعافها كثيرا. لاحقاً، تم التأكيد على تأجيل إجراء الانتخابات الطلابية، لتخوف السلطة التنفيذية متمثلة في وزارة التعليم العالي من تكرار تجربة الانتخابات الطلابية الأخيرة، والتي استطاع طلاب مستقلون ومعارضون الفوز فيها بأغلبية المقاعد.

يعرض التقرير أيضاً نماذج أخرى من انتهاكات لحقوق الطلاب، ونماذج الدعم القانوني الذي قدمته مؤسسة حرية الفكر والتعبير للطلاب وأعضاء هيئة التدريس.

بالطبع لا يعد العمل على توثيق هذه الانتهاكات أمراً سهلاً، لكن مؤسسة حرية الفكر والتعبير تسعى جاهدة للتواصل مع ضحايا انتهاكات حرية التعبير، والتحقق من وقوع الانتهاك بهدف عرض وتحليل وتقييم السياسات العامة للدولة تجاه الملفات المتعلقة بحرية التعبير ومحاولة استعراض أشكال الدعم القانوني الممكنة.

إن التقييم الدوري لأوضاع الحرية الأكاديمية ضروري لمساعدة وتشجيع كافة المهتمين بقضايا حرية التعبير على بذل المزيد من الجهود لتعزيز وحماية الحق في حرية التعبير، واﻹسهام في تغيير السياسات المقيدة لحرية التعبير، وعلى رأسها السياسات المتبعة في إدارة شؤون الجامعات. كما أنه بمثابة دعوة  للحكومة لإعادة النظر بسياستها في إدارة الجامعات وفتح المجال مجدداً أمام الإدارات الأكاديمية ﻹدارة شؤونها دون قيود بعيداً عن رقابة وتدخل الأجهزة اﻷمنية احتراماً لقيم الدستور والتزاماً بمبادئ استقلالية الجامعات والحريات الأكاديمية.

يمكن الإطلاع على التقرير كاملاً هنا.

*محمد عبد السلام، باحث ومدير ملف الحرية الأكاديمية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير بالقاهرة.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى