أخبار وتقارير

سلطنة عُمان تتجه نحو الطب الشخصي

مسقط – يعتقد عدد من الخبراء في المنطقة أن على العلماء العرب البدء بحل مشاكل المنطقة الصحية. إذ تأخذ جامعة السلطان قابوس في مسقط هذه الفكرة على محمل الجد من خلال التنفيذ النشط لبرنامج أبحاث طبية يستخدم المعلومات التي تم جمعها من المرضى العُمانيين في مستشفيات البلاد العُمانية عوضاً عن الاعتماد على قواعد البيانات الأوروبية والأميركية، وهي الممارسة الشائعة في العالم العربي.

وعلى الرغم من تواجد باحثين متحمسين في أجزاء أخرى من المنطقة ممّن يحرصون على أن يحذوا حذو الباحثين في سلطنة عُمان، إلا أنهم يقولون إنه من الصعب إقناع الممولين بمزايا تلك البحوث.

هناك نقص كبير في البيانات في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يجبر الأكاديميين في جميع مجالات البحث على استخدام البيانات الغربية. لكن، عندما يتعلق الأمر بالبحوث الطبية، فهذا يعني أن المنطقة ستفقد القدرة على متابعة حركة الطب الشخصي، حيث تكون العلاجات والفحوصات مصممة للسكان خصيصاً بالاعتماد على معطيات علم الوراثة الخاصة بهم.

يُعتبر السكان العرب أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الوراثية والأمراض التي تتأثر بجيناتهم – مثل داء السكري – مقارنة بنظرائهم الأوروبيين. قال مُعز بخيت، مدير مركز الأميرة الجوهرة للطب الجزيئي وعلوم المورثات والأمراض الوراثية في البحرين، “هذا ما يجعل العلاج وفقاً للتركيب الجيني للمريض مهماً وبهدف القيام بذلك أنت بحاجة لفهم السكان الذين تتعامل معهم بهدف إضفاء الطابع الشخصي على العلاج.”

لكن إذا ما فشل العلماء إلى حد كبير في استخدام البيانات المأخوذة من المرضى العرب، فمن غير المرجح تحقق ذلك الفهم حتى، وهذا ما يعني تجاهل التأثير الكبير لكيفية تفاعل العامل الوراثي العربي مع العلاج.

في الوقت ذاته، يواصل الباحثون في الغرب البحث عن علاجات للسرطان وفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (الإيدز) ومشاكل الخصوبة معتمدين بالدرجة الأساس على بيانات جمعت من مرضى أوروبيين، وهو ما يعني بأن أية أدوية قد تنتج عن عملهم ستكون مصممة في الأساس لتعمل بشكل أفضل مع الحمض النووي الأوروبي.

يتوجب على العالم العربي القيام بذات الشيء، بحسب فهد الزدجالي، مساعد العميد للشؤون الأكاديمية في كلية الطب بجامعة السلطان قابوس. قال “لا يمكننا الوثوق بأن ما يعمل بشكل جيد مع مجموعات سكانية أخرى سيعمل تلقائياً بشكل أفضل معنا أيضاً.”

لكن، في الوقت الحاضر، تتظافر العديد من المشاريع البحثية البارزة والمتطورة في المنطقة ببساطة مع جهود العلماء الغربيين باستخدام البيانات التي تم جمعها من خارج العالم العربي. على سبيل المثال، أظهرت دراسة حديثة من جامعة قطر بأن سرطان الغدة الدرقية يخضع لعلاج مبالغ فيه لدرجة أنه في كثير من الأحيان لا يُساهم في تمديد حياة المرضى الذين خضعوا له لكنهم يلحق بهم عدداً من الأعراض الجانبية غير السارة – لكن، توجب على الباحثين استخدام بيانات مستقاة من تشريح جثث أسترالية بسبب عدم وجود قاعدة بيانات ذات صلة في العالم العربي.

لا يعني هذا بأن البحوث الطبية في المنطقة والتي تعتمد على بيانات أجنبية لا تساعد المرضى العرب. إنها تساعدهم بلا شك – لأن العامل البشري لا يختلف كثيراً لدرجة أن الأدوية والعلاجات ستعمل لعلاج بعض الأعراق فحسب، لكن ذلك يعني بأن تلك البحوث لن تساعد بذات القدر فيما لو كانت البيانات المستقاة من المرضى العرب متاحة بسهولة.

يقول بخيت إن من الواجب تغيير ذلك، وأن على العالم العربي أن يتطور في مجال جمع البيانات من المرضى العرب، وعليه أيضاً أن يتأكد من قدرة وصول الباحثين الآخرين إلى تلك البيانات.

يتفق آخرون مع ذلك.

قال محمد البلوشي، الباحث المشارك في قسم علم المناعة والأحياء الدقيقة بجامعة السلطان قابوس، إن جامعته تبذل جهداً لتعزيز الطب الشخصي في عُمان من خلال بحوثها.

قال “ليس هناك الكثير من البحوث الجارية في العالم العربي، وخاصة في عُمان، والسبب كما هو معروف يعود للنقص في التمويل. لكن، بدأت الحكومات العربية الآن بالتركيز على هذه البحوث.”

تعتبر جامعة السلطان قابوس، التي يقع مقرها في ضواحي العاصمة مسقط، الآن الجامعة الأكثر احتمالاً فيما يتعلق بتخصيص تمويل للبحوث الطبية التي تقوم بجمع وتحليل البيانات محلياً، بحسب الزدجالي الذي قال موضحاً “تولي الحكومة أولوية للأبحاث ذات الصلة بسلطنة عُمان. وتعمل وزارة الصحة على دعم هذا التركيز.” وقد اتبعت الجامعة تعليمات الوزارة وهي تتابع الآن برنامجاً بحثياً لتلبية أهداف الوزارة.

وقال البلوشي “الهدف من أبحاثنا في جامعة السلطان قابوس إيجاد حلول للمشاكل في مجتمعنا. لأن الكثير من الأمراض تصيب العُمانيين بشكل مختلف وقد تحتاج الإجراءات “التدخلات” القياسية لأن تتغير من بلد لآخر. ولهذا السبب تركز جامعة السلطان قابوس على الطب الشخصي.”

يعكف البلوشي حالياً على دراسة ما قد يُساهم في التسبب بمشاكل في الخصوبة والإجهاض، والمعروف أيضاً باسم الإجهاض العفوي، لدى النساء العُمانيات.

يعمل البلوشي منذ فترة على أخذ عينات دم للكشف عن الاستجابات المناعية لسلالات معينة من البكتيريا مقارنة مع النساء اللاتي يشهدن حملاً صحياً. وقد وجد بأن هناك عدداً من البكتيريا التي ترتبط بشكل كبير مع الإجهاض. ويسعى في نهاية المطاف للقيام بفحص للنساء الحوامل في عُمان لمعرفة إذا ما كان لديهم عدد كبير من هذه البكتيريا، وإذا ما كان الأمر كذلك، سيقوم بإعطاء النساء مضادات حيوية أو مشورة تتعلق بالتغذية.

يعتقد البلوشي أن في إمكان آخرين في المنطقة النظر إلى جامعة السلطان قابوس باعتبارها مثال على كيفية تشجيع الطب الشخصي. ولتحقيق المزيد من التقدم في الطب الشخصي في المنطقة، ويقول إن من المهم التأكيد على النتائج الملموسة التي يمكن أن تأتي من البحوث.

قال “إنه أمر يمكن أن يفيد العالم العربي بشكل مباشر. نحن نريد تطبيق ما نجده لصالح شعبنا.”

تعتبر هذه المعلومات مفيدة لأشخاص مثل بخيت ممّن يحاولون تعزيز الطب الشخصي في بلدانهم. قال بخيت “أنا أحاول إقناع السلطات بأن علينا إقامة مشروع العامل الوراثي البحريني.”

إذ يُمكن لهذه الفكرة أن تفك في نهاية المطاف تسلسل الحمض النووي لكل مواطن بحريني، لكنها ستقتصر في البداية على 1,000 شخص فقط. ويقدر أن يكلف البدء بالعملية حوالي خمسة ملايين دولار أميركي.

قال “يبدو ذلك مكلفاً لكنه قد يغير حياة الناس حقاً.”

Countries

تعليق واحد

  1. اريد الاتصال بالدكتور عمر بن عوض الرواس مدير مركز البحوث الطبيه بجامعة السلطان قابوس،؛ وقد قالت السيده/ سهام السيد حمد-مسئول الشئون الأكاديميةبالملحقيه الثقافيه العمانيه بالقاهرة بأنه ليس لديها وسيلة أتصال معه-بناء عليه – رجاء إبلاغه بطلبى الحصول على إذن بدخول امتحان البورد العربى الذى سيتعاقد بالقاهرة نهاية هذا الشهر نظرا لضيق الوقت وللاهميه…انا/د.عماد الدين محمد محمد على شملول- من مصر العربيه[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى