مقالات رأي

حوار مع رئيس جامعة الموصل حول مرحلة ما بعد داعش

أمستردام – تقع مدينة الموصل العراقية القديمة على خط المواجهة في الحرب مع تنظيم داعش، والمعروف أيضاً باسم الدولة الإسلامية. ومنذ احتلال التنظيم للمدينة في حزيران/ يونيو 2014، واصلت جامعة الموصل عملها في مواقع مؤقتة في مدينة دهوك، على بعد نحو 75 كيلومتر إلى الشمال من مدينة الموصل. (اقرأ المقال ذات الصلة “هل تقود جامعة الموصل جهود الإعمار ما بعد الحرب؟“)

لكن في 14 كانون الثاني/ يناير الحالي، تمكنت القوات العراقية من استعادة السيطرة على جامعة الموصل، كجزء من الحملة العسكرية لاستعادة السيطرة على كامل المدينة، وفقاً لتقارير وسائل الاعلام. وتعتبر المدينة أخر معقل رئيسي للتنظيم في العراق.

منذ تأسسها عام 1968، اعتُبرت جامعة الموصل واحدة من أفضل الجامعات في العراق. وتشمل كلياتها الـ 22 مجموعة من التخصصات، على الرغم من شهرتها في مجالي العلوم والطب. أبان غزو تنظيم الدولة الإسلامية للموصل كان هناك ما يقرُب من 30,000 طالب وطالبة، و700 أستاذ متفرغ وأكثر من 2,000 محاضر. ويشغل أٌبي الديوه جي منصب رئيس الجامعة منذ العام 2004. لكن تنظيم داعش استولى على الحرم الجامعي بينما كان الطلاب يؤدون امتحاناتهم. ولا يزال الحجم الكامل للدمار المادي الذي أحدثه التنظيم في ممتلكات الجامعة والمنطقة المحيطة بها غير معروف لحد الآن، لكن يُعتقد بأن آلاف الكتب والمخطوطات المحفوظة في مكتبة الجامعة قد دُمرت. مع ذلك، لم يقم تنظيم داعش بإغلاق الجامعة بشكل تام.

وكانت الفنار للإعلام قد أجرت حواراً مع أُبي سعيد الديوه جي، رئيس جامعة الموصل، أثناء حضوره لمؤتمر تم عقد في مدينة أمستردام في شهر تشرين الأول/نوفمبر الماضي.

يمتلك أبي سعيد الديوه جي جذور عائلية عريقة في مدينة الموصل. فقد كان والده، سعيد الديوه جي، مؤرخاً بارزاً ألف أكثر من 30 كتاباً عن تاريخ الموصل والمواضيع ذات الصلة. وكان والده أيضاً أول مدير لمتحف الموصل، وهو المنصب الذي شغله منذ تأسيسه عام 1952 وحتى تقاعده في عام 1968. فيما كان الشيخ أحمد الديوه جي، جد أبي الديوه جي، فقيهاً إسلامياً ومفتياً معروفاً.

في حديثه مع الفنار للإعلام، يتحدث الديوه جي عن الأحداث الأخيرة في جامعة الموصل، فضلاً عن أفكاره حول دور الجامعة في المجتمع العراقي بعد الحرب.

– أفادت التقارير بأنك قد نجوت من محاولة لاغتيالك، فهل هذا صحيح؟

هذا صحيح، وقد قضيت شهراً واحداً في المستشفى في تركيا. لقد مرت الرصاصات من هنا وخرجت من هنا [مشيراً إلى رقبته]. كما كانت هناك أربع رصاصات في الظهر أيضاً. تمنح الجامعة عقود لإنجاز مشاريع بناء على أساس العطاءات التنافسية. فجاء أعضاء من تنظيم داعش إليّ وأخبروني بأنهم يريدون الحصول على نسبة 5 أو 10 في المئة من قيمة العقود. رفضت ذلك، لذا أطلقوا النار عليّ.

– ناقشت إحدى المقالات التي نشرتها الفنار للإعلام وجهات نظر تنظيم داعش الخاصة بالتعليم. كيف قاموا بوضع فكرهم موضع التنفيذ بعد أن أحكموا سيطرتهم على الجامعة؟  

لقد أمروا بفصل الفصول الدراسية على أساس الجنس. لكن معظم الطلاب غادروا الجامعة، بعد أن أعلنت الحكومة في بغداد أنها لن تعترف بأية شهادة أو دبلومة تصدرها الجامعة في فترة سيطرة تنظيم داعش عليها. كما قاموا بإغلاق جميع الكليات باستثناء كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة والتمريض. ومن ثم أصروا على أن يقوم الطلاب والمحاضرون في هذه المواضيع بمعالجة عموم السكان. وجاء ذلك بعد أن عاد معظم طلاب تلك الكليات إلى ديارهم أو قاموا بالذهاب إلى دهوك [حيث يقع المقر المؤقت للجامعة]. لم يبقَ هناك سوى بضع مئات من الطلاب في هذه الكليات بعد أن كانوا يعدون بالآلاف في السابق.

– هل توجب على هيئة التدريس في تلك الكليات مواصلة العمل؟

نعم، لقد كان ذلك إلزامياً. إذا ما تم إلقاء القبض على شخص ما وهو يحاول المغادرة، فإنهم سيقتلونه. لقد كانوا يدفعون لهم 100 دولار أميركي شهرياً.

– هل يمكنك أن تخبرنا عمّا تعرفه بخصوص حالة مباني الحرم الجامعي الآن؟

نجم الكثير من الدمار الذي لحق بها عن القصف الجوي – ونحن لا نعرف الجهة التي وجهت تلك الضربة. على سبيل المثال، تم قصف المطبعة الجامعية. لقد كانت تستخدم من قبل تنظيم داعش لطباعة دعايتهم، ولذلك تم قصفها. لقد كانت مطبعة رائعة، وقد كنا نمتلكها منذ العام 1968. لقد جاءتنا من هايدلبرغ، وكنا نستخدمها لطباعة الكتب الأكاديمية. لكن الكثير من المباني الأخرى في الموصل قد تم تدميرها أيضاً.

– ما الذي يجب تغييره في المجتمع العراقي ما أن تنتهي الحرب مع تنظيم داعش؟

إنه درس قاس للغاية. عندما تخسر منزلك، وكل ما فيه، وكل ذكرياتك، كما حصل للكثير منا في السنوات الأخيرة – لا يمكن لأحد لم يمر بمثل هذه التجربة تصور ذلك. لكن، لا يمكنك التفكير في الإنتقام، يجب أن تفكر في كيفية العيش بطريقة صحيحة. وهذا يعني ضرورة التوقف عن التفكير في الهوية القومية أو الدينية، أو القبيلة. تسمح الولاءات القبلية في كثير من الأحيان أيضاً للمرء بالافلات من العقوبات الناتجة عن ارتكاب أخطاء واضحة.

– ما الذي يمكن للتعليم العالي فعله في هذا الشأن؟

يأتي الطلاب إلى الجامعة بهدف الحصول على شهادة، مما يؤمن لهم الحصول على وظيفة. فيما يعتبر تعليم الشخص حول المواطنة والأخلاق من مسؤولية والدته ووالده. ويمتلك الإصلاح السياسي أو الاجتماعي أمكنة خاصة به خارج الجامعة.

*تم تحرير هذه المقابلة بهدف الإيجاز والوضوح.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى