مقالات رأي

تعويم الجنيه يغرق الجامعة الأميركية في القاهرة

القاهرة–  تواجه الجامعة الأميركية في القاهرة مشكلة مالية كبيرة مؤخراً. ففي 3 تشرين الثاني/نوفمبر، أقرت الحكومة المصرية سياسة تعويم الجنيه المصري عوضاً عن استخدام سعر صرف ثابت، وهو الأمر الذي خفض قيمة الجنيه من 8,8 أمام الدولار الواحد ليصبح نحو 18 جنيه الأسبوع الحالي. وكانت الحكومة المصرية قد اتخذت هذا القرار نتيجة ضغوط دولية تقول إن هذه الخطوة ستدعم الاقتصاد المصري عبر زيادة تنافسية الصادرات المصرية وعوائد السياحة. كما أن قرار التعويم جاء كخطوة باتجاه حصول البلاد على قرض من البنك الدولي بقيمة 12 مليار دولار أمريكي.  لكن القرار كان بمثابة الصاعقة على أعضاء هيئة التدريس في الجامعة الأميركية في القاهرة، الذين يتقاضون أجورهم بالجنيه المصري، وأيضاً على الطلاب الذين يسددون رسومهم الدراسية بالدولار الأمريكي ويقول العديد منهم إنهم لم يعودوا قادرين على متابعة دراستهم. التقت الفنار للإعلام براين ماكدوجال، المدير المالي في الجامعة، ونائب الرئيس التنفيذي للشؤون الإدارية والمالية لشرح سبل استجابة الجامعة لهذه المعضلة.

-هل يمكنك اطلاعنا على آخر القرارات التي تم التوصل إليها للتعامل مع أزمة الرسوم الدراسية الحالية، خاصة مع إعلان الجامعة عن نظام للمنح، كيف سيتم تمويل ذلك؟

أكد رئيس الجامعة في عدة مناسبات حرص الإدارة على استكمال جميع الطلاب لدراستهم في الجامعة الأميركية بالقاهرة. لذلك، كانت الخطوة الأولى هي التعامل مع قرار تعويم الجنيه المصري المفاجئ وتأثيره على الطلاب الذين لم يدفعوا رسوم الدراسة لفصل الخريف بعد والذين تصل نسبتهم لنحو 25 في المئة من طلابنا. لذلك، اتفقنا على أن يسدد الطلاب باقي الرسوم الدراسية وفق سعر الصرف القديم قبل قرار التعويم، وهو ما يعني خسارة الجامعة لما يقرب من مليون دولار. لكن بالنظر إلى أن هذه حالة طارئة، كان علينا اتخاذ هذه الخطوة. ثم بدأنا بسرعة التفكير بمايمكن عمله لفصل الربيع، وبعد العديد من المحادثات مع مجلس الأمناء، تم التوصل إلى اتفاق لإعلان عن توافر خمسة ملايين دولار أمريكي لدعم الطلاب المحتاجين إليها حقا. وفي أذار/ مارس 2017، يفترض من الإدارة تقديم ميزانية جديدة للعام القادم لمجلس الأمناء تتضمن افتراضات حول الرسوم الدراسية، وغيرها من الإيرادات والنفقات.

– ذكرت أن قرار التعويم كان مفاجئاً، لكن في الواقع كان هناك الكثير من التكهنات بأن الحكومة تخطط لتعويم الجنيه في الفترة الماضية. لماذا لم تقم الجامعة بإتخاذ خطوات احتياطية ضد مخاطر أسعار الصرف؟

قبل ربيع عام 2014، تمكنت الجامعة من استيعاب جميع الخسائر المرتبطة بانخفاض قيمة العملة. في عام 2011، كان الدولار الواحد  يساوي أقل من 6 جنيه، بعد ذلك بدأت قيمته بالانخفاض. لقد تسبب انخفاض كل 25 قرشمن من قيمة الجنيه بخسارة الجامعة لنحو مليون دولار أمريكي. وعند وضع ميزانية عام 2015، تم الاتفاق بين إدارة والجمعية الأم، واتحاد الطلاب ولجنة الميزانية في مجلس الشيوخ جامعة على تقاسم المخاطر. فيما يخص الرسوم الدراسية، فقد تم الاتفاق على دفع زء منها بالدولار الأميركي والجزء الأخر بالجنيه المصري كنوع من التحوط. مع ذلك، كان على الجامعة التعامل مع تخفيض قيمة العملة فيما يتعلق بنصف الرسوم التي نتقاضاها بالعملة المحلية. كثيراً ما يطرح علينا هذا السؤال، لماذا لم تتخذوا أي إجراءات احتياطية، في الواقع لقد فعلنا ذلك  بالتشاور مع بقية المجتمع الجامعي. المشكلة تكمن في حجم التغيير. قبل هذا التغيير، تسبب الانخفاض بقيمة 25 قروش بفقدان مليون دولار. الآن وقد ارتفع الدولار إلى 18 جنيه مصري، فإن الجامعة تخسر نحو 36 مليون دولار أمريكي.

– لم تؤثر الأزمة على على الطلاب فقط، بل طالت الموظفين أيضاً. ماهي خططكم في هذا الشأن؟

نتفهم أن موظفينا هم الأكثر تأثراً مع انخفاض قيمة الجنيه، ونحن نتوقع إجراء تعديلات على رواتب موظفينا الذين يتقاضون أجورهم بالجنيه المصري. مع ذلك، أنا لا أملك جواباً اليوم عن حجم هذه التعديلات. نحن نراقب تغييرات مؤشر أسعار المستهلك ومايقوم به  أرباب العمل الأخرون. نحن لم ننس أن القوة الشرائية للموظفين قد تآكلت تماماً.

-بشكل أعم، كيف ستؤثر هذه الأزمة على جودة التعليم؟ خاصة مع الانتقادات التي طالت إدارة الجامعة على نحو متزايد لتركيزها على زيادة مواردها عوضاً عن حماية نوعية التعليم.

يسعدني الحديث عن مختلف المتغيرات النوعية، والوصول والتكلفة. أهم شيء نقوم به هو الحفاظ على جودة البرامج الأكاديمية لدينا. قد يقول البعض أن الجامعة معنية فقط مع بجمع المال. الجواب: لا نحن لسنا كذلك. نحن قلقون على نوعية تعليمنا. وسنتخذ كل جهد ممكن للحد من زيادة التكاليف بطريقة لا تؤثر سلباً على نوعية الخبرة الأكاديمية. نحن منفتحون على كل الخيارات، إذا كان لديك أي اقتراحات بشأن كيف يمكننا الحد من التكاليف سيكون ذلك رائعاً. على الجانب الآخر، نحن نبحث عن سبل لزيادة الإيرادات غير الدراسية.

-هذه الأزمة ليست جديدة، إذ أن الخلافات مع الجسم الطلابي حول تكاليف التعليم موجودة منذ مدة طويلة. فهل لديكم حلول على المدى الطويل؟

انضممت لفريق الجامعة الأميركية في القاهرة عام 2008، وشاركت في إدارة العديد من الاحتجاجات والإضرابات وأعتقد أن أهمية التواصل لا يمكن أن يكون مبالغاً فيها. علينا أن نتأكد من تقديم الحقائق وسياق كيفية اتخاذ القرارات بوضوح وباستمرار. بالطبع لايمكنك إرضاء الجميع، لكن يجب إتاحة الفرصة للجميع لفهم الأسباب وراء اتخاذ قرارات معينة وتداعيات ذلك. تشمل حرية التعبير الاحتجاجات، والجامعة الأميركية في القاهرة تفخر في تشجيعهم. لكننا أيضاً نرغب بالتأكيد على استعداد الناس للاستماع إلى بعضها البعض. إذ أننا لن نكون قادرين على الذهاب إلى الجانب الآخر من المشكلة مالم نسمع كل وجهات النظر الأخرى، والتي قد لا تتفق دائماً معنا  لكن بعد ذلك سنتمكن من الفهم على الأقل.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى