أخبار وتقارير

النرويج تمنح “جوازات سفر” لمؤهلات اللاجئين

في سعيها لمواجهة الطوفان المتدفق من اللاجئين، اختبرت النرويج إجراءات جديدة وسريعة لتقييم مؤهلات أولئك الذين يصلون إلى البلاد من دون وثائق مناسبة تثبت شهاداتهم الأكاديمية أو المهنية. من المفترض أن تسمح هذه العملية للاجئين بالبدء بالدراسة والعمل في وقت أقرب بكثير مما كان ممكناً حتى الآن. والهدف من ذلك تجنب أشهر أو سنوات من الخمول الإجباري الذي يُفرض على طالبي اللجوء فضلاً عن تسريع اندماجهم في المجتمع النرويجي.

ففي مشروع رائد تم إنجازه في شهر أيار/ مايو، استخدمت السلطات هذا الإجراء الجديد لإصدار نوع جديد من الوثائق يدعى “جواز سفر لمؤهلات اللاجئين” لعشرين شخص من طالبي اللجوء. وتعمل النرويج مع دول أوروبية أخرى على اعتماد النظام الجديد.

شهد العام الماضي نزوحاً جماعاً للاجئين من سوريا إلى أوروبا، واستقبلت النرويج أكثر من 31.000 من طالبي اللجوء من سوريا والبلدان الأخرى – وهو عدد يفوق بمقدار ثلاثة أضعاف عدد طالبي اللجوء في العام السابق. لكن وحتى الآن، يبقى أولئك الذين يفتقرون لوثائق تؤكد إتمامهم لدراستهم أو الذين لا يتحدثون اللغة النرويجية أو الإنجليزية مستبعدين من جهود البلاد لدمجهم.

قال ستيغ آرنه شيرفان، مدير التعليم الأجنبي بالوكالة النرويجية لضمان جودة التعليم (NOKUT)، “يُهمش المزيد والمزيد من الناس. لقد أظهر الوضع في العام السابق ضرورة إعادة التفكير في أدواتنا جدياً.”

وبعد التجربة الناجحة “لجواز سفر المؤهلات” الجديد، يقول المسؤولون النرويجيون إنهم سيعملون على تبنيه على نطاق أوسع.

يضم “جواز السفر” الجديد معلومات حول أعلى درجة أكاديمية حصل عليها مقدم الطلب أو مؤهلاته المهنية، وخبرته في العمل، وإجادته للغة، فضلاً عن تفاصيل حول الوثائق والمصادر الي إستند عليها التقييم الفردي.

كما تقدم الإجراءات الجديدة أيضاً النصح والإرشاد حول الخطوات القادمة التي يمكن للاجئين إتخاذها بهدف مواصلة تعليمهم أو تدريبهم، أو السعي للحصول على وظيفة. وخلافاً للإجراءات القديمة، التي تستغرق من ثلاثة إلى ستة أشهر وتكلف النرويج ما يقرُب من 5,500 دولار أميركي لكل طالب، فإن الإجراءات الجديدة توفر “جوازات سفر” خلال خمسة أيام وبعُشر التكلفة.

يستند “جواز السفر” على تقييم أي وثائق متاحة ومقابلة منظمة مع مقدم الطلب، يتم إجراؤها من قبل ضباط من ذوي الخبرة في هذه الحالات. بالإضافة إلى ذلك، وإذا ما اقتضت الحاجة، يقوم المسؤولون بالرجوع لأرشيف اللاجئين النرويجي ومصادر أخرى بهدف الإستشارة، ويشمل ذلك قواعد البيانات، والكتب المرجعية، والزملاء في بلدان أخرى، للتحقق من ادعاءات المرشحين.

وعلى عكس الآلية القديمة الأكثر إستغراقاً للوقت، فإن بالإمكان منح “جواز السفر” للاجئين الذين لا يتحدثون اللغة النرويجية أو الإنجليزية، وأولئك الذين لا يمتلكون إقامة دائمة في النرويج، فضلاً عن أولئك الذين لم يستكملوا دراستهم لإضطرارهم للفرار من ديارهم. وبخلاف وثائق الإعتراف القديمة، فإن “جواز السفر” لن يؤهل بالضرورة حامليه من الانخراط في دراسة أحد البرامج الجامعية – أو ليس فوراً على الأقل.

يهدف “جواز السفر” لتقديم الدعم المؤقت لطالبي اللجوء فحسب، وهو صالح لمدة ثلاث سنوات. لكن الممثلين عن التعليم العالي، وأرباب العمل، ووكالات شؤون اللاجئين – الذين تمت استشارتهم كجزء من المشروع الرائد – قالوا إنه سيكون أداة مفيدة على ما يبدو.

قال أولي بيتر أوترسن، عميد جامعة أوسلو، المؤسسة الرائدة في البلاد، “لدينا إعتقاد راسخ بأن أفضل طريقة لدمج أولئك الذين إنقطعت دراستهم الجامعية تكمن في توفير الفرصة لهم للوصول إلى نظامنا التعليمي. وقد أصبح هذا الهدف الرئيسي لجامعتنا منذ الخريف الماضي.”

وأضاف أوترسن أن “جواز السفر” سيساعد مبادرات الدعم التي بدأتها مؤسسته بالفعل منذ عدة أشهر.

أسست أوسلو “برنامج الممارسة الأكاديمية”، الموجه للاجئين الذين إكتسبوا بالفعل درجة أكاديمية واحدة ويسعون للقبول في برامج الدراسات العليا. حيث يتم قبول اللاجئين، وأحياناً من دون الحاجة لامتلاك المهارات اللغوية اللازمة، في برنامج تدريبي من دون أن يكونوا مسجلين كطلاب. لكنهم يصبحون جزءاً من فريق بحث ويتم منحهم مجموعة من الواجبات الأكاديمية والإدارية. بذلك سيكون في إمكان الفريق تقييم الكفاءة الأكاديمية، وفتح الإمكانية أمامهم ليكونوا قادرين على أخذ الدروس وحتى الإمتحانات. والهدف من ذلك هو السماح للاجئين بالتعرف على “دراساتنا الجامعية وتسهيل الالتحاق بها في وقت لاحق،” بحسب أوترسن.

كما أسست أوسلو أيضاً برنامجاً لتوجيه “شبكة أكاديمية” يقوم بموجبها طلابها بمرافقة وتدريس اللاجئين الذين يرغبون في الالتحاق بالجامعة كطلاب بكالوريوس عندما يكون في إمكانهم ذلك. (إقرأ المقال ذات الصلة: الجامعات الأوروبية تسعى لدمج اللاجئين.)

ويؤكد أوترسن بأنه ومع كل استعداد الجامعة لإستقبال الطلاب اللاجئين، فإنه لا يوجد إستعدادات لخفض المتطلبات الأكاديمية بالنسبة لهم، حيث قال “إن أسوأ شيء يمكن أن يحدث هو قبول طلاب يفتقرون للمؤهلات المناسبة. من شأن ذلك أن يجعل احتمالية فشلهم أكبر بكثير” مما لو لم يتم فعل أي شيء لمساعدتهم.

ويبدو بأن الشركات النرويجية مرحبة “بجوازات سفر المؤهلات” الجديدة أيضاً. حيث أن المعلومات التي تضمها الجوازات يمكن أن تساعد الشركات على تحديد اللاجئين المرشحين – على سبيل المثال، بالنسبة للوظائف شبه الماهرة، حتى إذا ما كانت مؤهلاتهم للوظائف الماهرة لا يمكن التحقق منها.

قال آري تورمو، مدير التعليم والمهارات بإتحاد أصحاب الأعمال النرويجيين (NHO)، وهي جمعية أرباب العمل الرئيسية في النرويج، “شركاتنا بحاجة لعمال مؤهلين على كافة المستويات. كما أن جوازات السفر تخبرنا عن التدريب الإضافي الذي يحتاج إليه المتقدم.”

بدأت النرويج مؤخراً العمل مع العديد من البلدان الأخرى في برنامج للإتحاد الأوروبي لإنشاء “مجموعة أدوات للإعتراف باللاجئين”. والهدف من ذلك حمل الدول الأوروبية على إعتماد إجراءات مشتركة لتقييم المؤهلات الأكاديمية والمهنية التي سيتم الإعتراف بها من قبل جميع البلدان الأوروبية. وتقترح النرويج وسيلة التقييم السريعة الخاصة بها ليتم إعتمادها “كجواز سفر أوروبي للمؤهلات.”

وبموجب إتفاقية لشبونة لعام 1997 [المتعلقة بالإعتراف بمؤهلات التعليم العالي في المنطقة الأوروبية]، والمعتمدة من قبل معظم الدول الأوروبية، ستكون تلك الدول ملزمة باتخاذ خطوات معقولة لتقييم إذا ما كان اللاجئون مستوفين لمتطلبات الوصول إلى التعليم العالي أم لا.

مع ذلك، فقد وجد تقرير صدر هذا العام عن منظمة اليونسكو ومجلس أوروبا بأن أقل من خُمس الدول الأوروبية لديها آلية ما لتقييم مؤهلات اللاجئين الذين يفتقرون للوثائق الصحيحة.

في الوقت نفسه، ارتفع عدد الأشخاص الذين يمكن لهم أن يستفيدوا من هذه الإجراءات بشكل حاد خلال العام الماضي. مؤخراً،  قدرت هيلينا ليندهولم، نائبة رئيس جامعة غوتنبرغ المؤيدة للفكرة والصوت الأوروبي الرئيسي الداعي لاتخاذ تدابير لدمج اللاجئين، بأن هناك 55,000 من الشباب السوريين في أوروبا ممن سيكونون في الجامعة في العادة لو لم يضطروا للفرار من الحرب الدائرة في بلادهم.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى