أخبار وتقارير

مهندس سوري مغترب يصمم كراسي متحركة مطورة

في عام 2012، عندما تحولت الاحتجاجات إلى ثورة، بدأ المحاضر في مادة الهندسة والباحث طارق قاسمية بالبحث عن وسيلة للخروج من سوريا. يقول قاسمية إنه لم يكن سياسياً، وأنه حرص، على عكس العديد من الأكاديميين الآخرين، على عدم الوقوف مع أي من طرفي الصراع ليتجنب الاستهداف. لكنه لا يزال يتذكر قذائف الهاون التي كانت تسقط على مقربة من الجامعة السورية الافتراضية والمعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا في دمشق حيث كان يعمل.

في حياته الجديدة خارج سوريا، يعتقد قاسمية بأنه قد وجد وسيلة لوضع مهاراته قيد الاستخدام، حيث أنه يحاول تحسين حياة مستخدمي الكراسي المتحركة. يعمل قاسمية كباحث في مختبر مراقبة الأتمتة البشرية والصناعية، والهندسة الميكانيكية وعلوم الحاسوب بجامعة فالنسيان شمال فرنسا. فقد ساعد على إيجاد شركة ناشئة تدعى أوتونوماد موبيليتي AutoNoman Mobility لتصنيع وتسويق منتج يعمل على تكييف الكراسي المتحركة العادية وجعلها مجهزة بمحرك. قال “مع غياب أي إبتكار كبير منذ إختراعها منذ أكثر من قرن من الزمان، فإن الكرسي المتحرك العادي يتطلب إعادة تصميم.”

كانت فرنسا وجهة واضحة لقاسمية، فقد حصل على درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية في تولوز عام 1998. وتمكن من الحصول على منحة من صندوق إنقاذ العلماء قبل أن يبدأ بالعمل من خلال اتصالاته في الجامعات في فرنسا للعثور على وظيفة.

على الرغم من أنه كان حريصاً على مغادرة سوريا، إلا إنه لم يكن يبحث عن أي منصب بحثي قديم فحسب. فقد أراد قاسمية إيجاد فرصة من شأنها أن تمكن منحته المالية من دعمه مادياً على مدى السنوات القادمة من دون أن يكون في حاجة دائمة للبحث عن موارد جديدة.

يُعتبر هذا النوع من النهج الدقيق والمدروس نموذجياً بالنسبة لقاسمية، بحسب محاضره ومعلمه السابق، مجد علوان، نائب رئيس التكنولوجيا في ليدنغ أيج LeadingAge، وهي جمعية لمنظمات غير ربحية في الولايات المتحدة تركز على البحوث التطبيقية وتدافع عن كبار السن. قال علوان “بمجرد أن يركز تفكيره على شيء ما، فلن تثنيه العقبات. إنه ذكي وعنيد.”

في نهاية المطاف، إلتقى قاسمية صدفة بأحد طلابه السابقين، سامي محمد، الذي كان يفكر في بحث يطمح لتحويله إلى فرصة لمشروع تجاري، إلى جانب تمويل إضافي من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الفرنسية.

وافق قاسمية على التعاون معه وعاد مجدداً إلى فرنسا في عام 2013. إنتهت المنحة التي تلقاها من صندوق إنقاذ العلماء، لكن جهوده التي تخطط للمستقبل قد أثمرت. يعيش قاسمية اليوم من إيرادات الشركة التي أنشأها مع محمد، أوتونوماد موبيليتي AutoNomad Mobility، على الرغم من أنهما قد يحتاجان إلى مستثمرين في القريب العاجل إذا ما أرادا للعمل أن يستمر.

قامت الشركة بإنشاء معدات بإمكانها تحويل الكرسي المتحرك الإعتيادي إلى آخر مجهز بمحرك آلي. وضح قاسمية قائلاً “كانت هناك منتجات أخرى مماثلة في السوق، لكن لمنتجنا إبتكار مضاف. لقد أطلقنا عليه اسم وضع الإتزان. إذا ما كنت تحاول تخيل ذلك، فإنني أعتقد بأنه يشبه دراجة السيجواي قليلاً – الدراجة ذات العجلتين والتي يركبها الشخص واقفاً-.”

في الواقع، هذا يعني أن في إمكان المستخدمين قلب وإمالة كراسيهم إلى الخلف لرفع العجلات الأمامية في الهواء مع الإستمرار في المضي قدماً من دون الخوف من السقوط. وهذا ما يجعل تجاوز الحواجز والأرصفة أبسط بكثير وأكثر أمناً بالنسبة لمستخدمي الكراسي المتحركة.

يشعر محمد بالفخر بالمنتج الذي عمل وقاسمية على تطويره. قال محمد “إنه تحد بالنسبة للأشخاص الذين يستخدمون الكراسي المتحركة أن يقوموا بأفعال يومية مثل التنقل، والذهاب إلى المرحاض، وتجاوز العقبات، والسير على العشب. من شأن المزيد من البحوث في هذا المجال أن تساعد هؤلاء الناس من أجل أن يعيشوا حياة أفضل.”

يعتقد علوان بأنه وعلى الرغم من تحديات التعامل مع المفاوضات التجارية، فمن المهم للباحثين المشاركة في هذا المجال، حيث قال “غالباً ما تتجاهل شركات التكنولوجيا الكبرى فئة المعاقين وكبار السن في بحوثها وعمليات التطوير الخاصة بها. إنهم يتوجهون للأسواق الاستهلاكية الأكثر عمومية، لكن ذلك التوجه ترك فجوة بالفعل. أعتقد جازماً أن في إمكاننا، بل وينبغي علينا، فعل المزيد من أجل خلق إبتكارات تخدم ذوي الإحتياجات الخاصة وكبار السن.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى