أخبار وتقارير

ماذا وراء المقر المميز للجامعة اللبنانية الأميركية في نيويورك

نيويورك – تتسابق العديد من الجامعات في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا بلهفة لتوسيع تواجدها في الشرق الأوسط. وسواء كان ذلك من خلال جامعات متكاملة، أو شراكات إستراتيجية، أو مراكز للخريجين، فإنها لم تكن متحمسة للإستثمار بهذا القدر من قبل.

وتدفق هذا الميل للتدويل في إتجاه واحد إلى حد كبير، من الغرب إلى الشرق. لكن الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) بدأت وبهدوء مخالفة هذا الإتجاه مع افتتاح مركزها الأكاديمي في نيويورك.

وبوقوعه في قلب مدينة مانهاتن النابض بالحركة، يبدو المركز الأكاديمي – مع الحارس بملابسه الرسمية والمدخل المشذب – في مكانه الملائم تماماً وسط سفارات وفنادق المنطقة العديدة.

تأسست الجامعة، ومقرها في بيروت، في بداية الأمر كمدرسة إبتدائية للبنات من قبل مبشرة أميركية ثرية تدعى سارة سميث والتي سافرت من ولاية كونيتيكت إلى لبنان في ثلاثينيات القرن التاسع عشر. ومن خلال التعليم، سعت لبناء الجسور وتجاوز الإختلافات الثقافية. وفي نهاية المطاف، ومن خلال سلسلة من التطورات والتوسعات، توسعت مدرسة البنات لتصبح جامعة مختلطة.

قالت لينا بيضون، المديرة التنفيذية الأكاديمية للمركز، “قال رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية إننا سنرد للولايات المتحدة الأميركية الجميل الذي قدمته سارة سميث للبنان. هذا هو سبب إنشاء هذا المركز، ونحن نحاول البقاء أوفياء لهذه الرسالة المتمثلة ببناء الجسور بين الشرق والغرب.”

توسع المركز عما كان عليه في السابق كمقر لجمع التبرعات ومكتب للخريجين. ويقدم المركز الآن مساقات قصيرة تعتمد على نظام الوحدات الدراسية لكل من الطلاب الأميركيين من جامعات أخرى وطلاب الجامعة اللبنانية الأميركية الذين يدرسون في الخارج. وتشمل هذه الموضوعات اللغة العربية، والتسويق، والإدارة والتمويل. وتبلغ الرسوم الدراسية 450 دولار أميركي للوحدة الدراسية ويتراوح عدد الوحدات لكل مساق ما بين 3 أو 4 وحدات في العادة.

ويشغل المرفق الأكاديمي ثلاثة طوابق مع مكتبة، وأماكن للدراسة، وعدد من قاعات المحاضرات المزودة بسبورات ذكية. وفي نهاية الأمر، تضم المكتبة 5,000 كتاب. وتأتي أمينة المكتبة من بيروت مرتين في العام محملة بحقائب مليئة بالكتب والمصادر اللازمة لملء الرفوف. وضحت بيضون قائلة “لا يزال القيام بذلك أرخص بالنسبة لها. كما أن العديد من الكتب يتم التبرع بها أيضاً في لبنان.”

اشترت الجامعة المبنى بمبلغ 10 ملايين دولار أميركي. قالت بيج كولوك، مديرة الاتصالات والإعلام في المركز، “وبالنظر لكون مساحته تبلغ 30,000 قدم مربع، فقد كانت صفقة رابحة.” ولكون موقعه يلقى رواجاً، فمن الصعب ألا نصدق كولوك. وبعد أن اشترت الجامعة المكان، كلف تجديد المبنى مبلغ 7 ملايين دولار أميركي إضافية.

مكتبة الجامعة اللبنانية الأميركية في مدينة نيويورك، تصوير: بنجامين بلاكيت.

أحياناً، تتشارك الجامعة اللبنانية الأميركية المركز مع جامعات عربية أخرى لا تزال لا تمتلك سوى مكاتب للخريجين في المدينة. على سبيل المثال، تعاونت الجامعة مع الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) والجامعة الأميركية في القاهرة (AUC) على إجراء سلسلة من المحاضرات والفعاليات.

قالت بيضون بتفاخر “يجب أن أعترف بأن الجامعة الأميركية في القاهرة (AUC) والجامعة الأميركية في بيروت (AUB) تحسداننا على هذا المكان. لكن، وفي الوقت ذاته، هنالك شعور جماعي، فأنا نفسي خريجة الجامعة الأميركية في بيروت.”

لكن الجامعة الأميركية في بيروت، من جانبها، ليست متحمسة بعد للسير على خطى بيضون. ففي الوقت الحاضر، يبدو أنهم راضين بالإبقاء على تواجدهم في نيويورك في حده الأدنى. حيث تتركز أنشطة الجامعة في المدينة على الخريجين، على الرغم من أنها تنظم من حين لآخر أحداثاً خاصة بهم للأكاديميين الزائرين.

قالت إيفا كليماس، مديرة علاقات خريجي الجامعة الأميركية في بيروت في نيويورك، “هنالك خطط بعيدة المدى لبعض المحاضرات بعيداً عن حرم الجامعة في مكاتبنا هنا. لكن هذه الخطط لا تزال إلى حد كبير في طور الصياغة.”

ويتواجد مكتب نيويورك التابع للجامعة الأميركية في القاهرة حالياً للمساعدة في جمع الأموال، وإدارة علاقات الخريجين، وتسويق ذراعها الناشر، مطبعة الجامعة الأميركية في القاهرة. لكن جينيفر باين، مديرة المكتب، تقول إن مكتبها يتشارك ذات الرؤية مع لينا والتي تهدف للمزيد من التبادل الثقافي المتجه من الشرق إلى الغرب.

وأضافت “في حين أن الإتجاه في التعليم العالي يقضي بتوسع الجامعات الأميركية في الشرق الأوسط، إلا إن بناء الجسور في الولايات المتحدة يقع في الأفق الأوسع للهدف من التعليم من خلال تحفيز النقاش بين الثقافات، وتطوير الشراكات الدولية، وبالطبع بناء الدعم والتقدير لعمل الجامعة.”

ولهذا السبب، تقول باين إن جامعتها ستوسع من إنتشارها أيضاً في الأميركيتين، وإن لم تكن متمثلة في الأنشطة الأكاديمية والفصول الدراسية حتى الآن. قالت “نحن نخطط لتوسيع تواجدنا بطرق أخرى.”

تعمل الجامعة الأميركية في القاهرة الآن على إنشاء فروع للخريجين في مدن أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة وكندا وزيادة عدد الفعاليات التي تنظمها في نيويورك لجمع الخريجين، والجهات المانحة، وأولئك المهتمين بمصر. كما كشفت مطبعة الجامعة الأميركية في القاهرة للتو عن مشروعها الروائي في الولايات المتحدة الأميركية، بترجمة أدب الشرق الأوسط إلى اللغة الإنجليزية.

تشك بيضون في أن تكون جامعات عربية أخرى في المدينة تنتظر لرؤية إذا ما كان مركزها الأكاديمي سيحكم عليه بالنجاح قبل إتخاذ خطوة مماثلة. قالت “إن إتخاذ خطوة مماثلة أمر مكلف مادياً ومحفوف بالمخاطر.”

لم تكن الأمور تسير بسلاسة منذ إنطلاق المركز منذ ما يقرب من ثلاث سنوات. في الواقع، تقول بيضون إنه وفي الآونة الأخيرة أصبح من الصعب على الطلاب في لبنان الحصول على التأشيرات اللازمة للقدوم إلى الولايات المتحدة والدراسة في المركز. فقد رفضت وزارة الخارجية الأميركية منح تأشيرة الدخول للعديد من الطلاب الذين كان من المقرر أن يصلوا إلى نيويورك هذا الصيف.

قالت بيضون “قبل تعقيد منح التأشيرات، كنت آمل في جلب الطلاب اللبنانيين والأميركان معاً بهدف التبادل.”

لكن قواعد الهجرة الأكثر صرامة أجبرتها على تعليق هذا الأمل جانباً في الوقت الحاضر. حيث وضحت قائلة “لسنا هناك بعد ولكننا لا نزال نأمل في أن نكون.”

لا يزال المركز ينمو في مجاله، وبينما تقول بيضون إن المركز سيبقى أقل من أن يكون مقراً فرعياً للجامعة، لكننا بحاجة بعد لأن نفهم بشكل تام هويته الخاصة به والغرض من وراءه. يعتبر المركز في مرحلة تجريبية بالدرجة الأساس، والتي ستحاول بيضون من خلالها اكتشاف الهدف المتمثل بعدد الدورات التي ينبغي أن يوفرها المركز وموضوعات تلك الدورات. وأضافت بأنهم يفكرون أيضاً في توفير التعليم المستمر للمهنيين.

المركز مبارك بالصبر الذي نلقاه من المكتب الرئيسي في بيروت بهدف إستكشاف مثل تلك الأمور لأن الرئيس يدرك إمكانيات مثل هذه الأشياء الثمينة، بحسب بيضون، حيث قالت “لا أستطيع رؤيتنا نتوجه إلى أي مكان لأن الفضاء هنا في مانهاتن يمثل فرصة كبيرة.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى