أخبار وتقارير

البحرين: رواج بيع الأبحاث الجاهزة دون رقيب

المنامة– في يوم مناقشة مشاريع طلاب السنة  الرابعة  في كلية الصحافة في جامعة البحرين، وقف عدنان بو مطيع أستاذ مادة إنتاج المجلات مزهواً بطلابه المجدين. لكن مفاجأة غير متوقعة خيبت أماله. إذ قدم طالبان مشروعين متطابقين لمجلة تحت إسمين مختلفين.

قال بومطيع “لم يعملان معاً، لكنهما اشتريا المشروع من مكتبة واحدة.”

يعتبر شراء الأبحاث الجامعية ومشاريع التخرج أمراً شائعاً في جامعة البحرين، أكبر جامعة حكومية في المملكة. إذ أصبح الإعلان عنه يتم بشكل واضح  أمام الطلاب والأساتذة والمسؤولين الحكومين من خلال إعلانات بارزة وواضحة على واجهة غالبية المكتبات ومحلات القرطاسية المنتشرة حول حرم الجامعة في وسط العاصمة، والتي تقدم خدمات طلابية متمثلة في تنفيذ مشاريع وأبحاث في مختلف التخصصات ووفق أسعار مختلفة مع إمكانية توصيل المشاريع للمنازل.

قال بومطيع “تم تحويل الطالبان للتحقيق، لكن هذه ليست الحالة الوحيدة. فقد اكتشفنا حالات أخرى قام بها الطلاب بشراء مشاريع جاهزة من المكتبات.”

لم يذكر بومطيع عدد الحالات التي تم ضبطها حتى الآن، لكن استبيان غير رسمي شمل 45 طالب وطالبة داخل الجامعة كشف أن ثلثل الطلاب في جامعة البحرين لايمانعون شراء بحوث جامعية جاهزة. بينما أقر ربع الطلاب بأنهم اشتروا أبحاثاً جامعية وامتنع عدد قليل من الطلاب عن الإجابة.

تتنوع الأسباب التي تدفع الطلاب للقيام بذلك. إذ يأتي ضيق الوقت الممنوح للطلاب لإنجاز البحوث في المرتبة الأولى بحسب نتائج الاستبيان. في حين تحتل قلة خبرة الطلاب بكيفية إجراء البحوث وغياب الدروس اللازمة لشرح ذلك المرتبة الثانية ويأتي أخيراً ضعف متابعة الأساتذة ومراجعتهم للبحوث المقدمة.

يعتقد ابراهيم، طالب في كلية تقنية المعلومات بالجامعة، أن الطلاب يشترون البحوث بسبب ضيق الوقت الممنوح لهم لإنجازها. قال “ضيق الوقت وكثرة الاختبارات والامتحانات، فضلا عن كثرة طلبات المشاريع والبحوث، تجعلنا تحت ضغط كبير فنلجأ لشراء البحوث الجاهزة.” سبق لإبراهيم أن قدم بحثاً في السنة الأولى ساعده في إنجازه أحد الأساتذة وقد أخبر أستاذه بذلك.

لكن روان، طالبة في كلية الحقوق، تعتقد أن غالبية الطلاب يميلون إلى الحلول السهلة والسريعة والتي لا تتطلب منهم أي مجهود. قالت “الكسل ببساطة هو السبب.”

يعتقد البعض أن المسؤولية تقع أيضاً على عاتق الأساتذة.

قال بومطيع “مع الأسف، هناك أساتذة لا يدققون المشاريع بصورة جدية، مكتفين بإستلامها من الطلاب دون مناقشتها مما يقلل من أهمية القيام بها لدى الكثير من الطلاب.”

تتفق خلدية آل خليفة، أستاذة الإعلام المساعد بجامعة البحرين مع بومطيع حول مسؤولية الأساتذة. قالت “قلة اهتمام الأستاذ تنتقل قطعاً للطالب الذي يلجأ للإستسهال للنجاح في المقررات.”

يؤكد أحمد سمير خريج الهندسة الكيميائية بجامعة البحرين أن هذه الظاهرة ليست بجديدة على المجتمع الجامعي بالبحرين، لكنه يعتقد أنها تنتشر بسرعة كبيرة وفي العلن. قال “تخرجت قبل سبع سنوات، وكان عدد قليل جداً من الطلاب يلجأ لشراء أبحاث عبر وسطاء وفي سرية شديدة. اليوم كل شئ يتم في العلن دون أي خوف.”

يتراوح أسعار البحوث الجامعية التي تبيعها المكتبات من 100 دولار أميركي إلى ما يزيد عن 250 دولار أميركي لمشاريع التخرج. كما تقوم بعض المكتبات ببيع بحوث مدرسية بسعر أقل لايزيد عن 50 دولار أميركي.

قال محمود، صاحب إحدى المكتبات، “خدماتنا تلقى رواجاً بين الطلاب وتحقق دخلاً جيداً يساعدني على تسديد إيجار المحل.”

لإنجاز البحوث الجامعية، تتعاقد المكتبات –بحسب محمود- مع أساتذة جامعيين يحملون شهادات عليا. قال “نقوم بإقتسام الأجور بالتساوي بيننا.”

إلى جانب المكتبات، تمتلئ المنتديات الجامعية على شبكة الإنترنت بإعلانات مماثلة مع عروض مغرية لمشاريع التخرج. قال أستاذ غير بحريني، تم التواصل معه من خلال أحد الإعلانات ويعمل في جامعة خاصة، “أساعد الطلاب في حل واجباتهم وشرح الدروس بالإضافة إلى تنفيذ بعض الأبحاث المطلوبة منهم. والأجر الذي أتلقاه يساعدني على إعالة أسرتي.”

قانونياً، لايوجد تشريع يمنع المكتبات من إجراء بحوث لصالح الطلاب. لكن قانون الجامعة يرفض الانتحال الأكاديمي ويعاقب عليه.

قال هشام محمد العمال، رئيس لجنة مكافحة الانتحال الأكاديمي وعميد كلية تقنية المعلومات في جامعة البحرين، “ترفض الجامعة، في نصوص صريحة، جميع ما يخالف النزاهة الأكاديمية بما فيها الانتحال الأكاديمي.” موضحاً أن الجامعة تتخذ جزاءات تأديبية للانتحال للحد من انتشار ظاهرة الغش بين الطلاب.

لكن أستاذ الفيزياء بكلية العلوم في جامعة البحرين، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه، يرفض اعتماد سياسة العقاب فقط. قال “تجارة البحوث أصبحت ظاهرة منتشرة لايمكن تحميل نتيجتها على الطالب فقط. لابد من توعيتهم وإرشادهم ومساعدتهم لإعداد البحوث بانفسهم.” مؤكداًعلى ضرورة تعليم الطلاب كيفية كتابة البحوث العلمية ، كحل أساسي للتخلص من هذه الظاهرة، على أن يكون ذلك ضمن مقرر إلزامي خلال أول فصل دراسي بالجامعة. قال “إعداد البحوث يمنح الطالب مهارات البحث والكتابة، وإهمال ذلك يفقد جيل بأكمله القدرة على البحث والابتكار والاختراع والابداع.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى