أخبار وتقارير

طريقة جديدة لتأمين مقاعد للطلاب السوريين في الجامعات

يتبع مصطفى الجزار ومؤسسته، الجمعية اللبنانية لدعم البحث العلمي، نهجاً غير مألوفاً لضمان تمكين المئات من الطلاب السوريين اللاجئين من الإنخراط في الجامعات هذا الخريف – وهو التعليم الذي لن يكون في إمكانهم الحصول عليه بخلاف ذلك.

في نفس الوقت لا أحد من الطلاب المرتقبين من الأثرياء، لكنهم أيضاً لم يأتوا من أفقر الطبقات وأكثرها ضعفاً بين صفوف اللاجئين السوريين في الخارج. جميع الطلاب ينحدرون من أسر من الطبقة الوسطى الدنيا.

قال الجزار، نائب رئيس الجمعية، إن كل ذلك يتلخص في مسألة التطبيق العملي. فهو يريد أن يتأكد بأن أكبر عدد ممكن من الطلاب سيتخرجون.  “نحن لا نحاول مساعدة أناس من دون أي شيء على الإطلاق لأنهم، ومن خلال تجربتنا، سيتوقفون عن الدراسة ويبحثون عن وظائف من أجل تأمين عيشهم. هدفنا مساعدة شخص ليس مضطرا للبحث عن وظيفة بدوام كامل.”

عند النظر في الموارد المالية لمقدم الطلب، لا تسأل الجمعية بصراحة عن دخل الوالدين. لأن الجزار لا يثق بتلك الإجابة. عوضاً عن ذلك، يقوم بتحديد إذا ما كان المتقدم أكبر الذكور في أسرته وإذا ما كان هناك شخص آخر في الأسرة يمتلك دخلاً.

يقول بعض المراقبين لجهود مساعدة اللاجئين إنهم سعداء لمعرفتهم بأن الجمعية تعمل على تقديم منح دراسية للطلاب السوريين في لبنان، لكنهم عبروا عن عدم إرتياحهم لإعتماد المنظمة وسائل إختبار غير رسمية لإستبعاد المتقدمين الأكثر فقراً. فيما يعبر آخرون عن إعجابهم بنهج الجزار بإعتباره نهجاً عملياً.

كان إياد متى أحد الفائزين بواحدة من هذه المنح الدراسية. في عام 2012، إضطر وأسرته للفرار من مدينة حمص، حيث كان يدرس في المرحلة الثالثة للحصول على شهادة جامعية في مجال التربية. عند وصوله إلى لبنان حاول المواصلة من النقطة التي توقف عندها، لكنه وجد نفسه أمام طريق مسدود بسبب رفض النظام الدراسي اللبناني. قال “قالت الجامعة إنها لن تأخذ في الإعتبار سنوات دراستي السابقة.”

لم يرغب متى في البدء من الصفر مرة أخرى وذلك بعد أن بلغ من العمر 24 عاماً، بسبب الوقت والمال الذي سيستغرقه ذلك، لكنه كان يعرف أيضا بأن آفاق مستقبله ستكون محدودة بدون شهادة جامعي. قال “أريد أن أكمل دراستي لأنها الطريق الوحيد الذي سيمكنني من الحصول على مستقبل أفضل.” والآن يبدو متحمساً جداً للبدء في الدراسة قريباً.

وقال مستفيد آخر من المنحة، يدعى عبد الباسط من مدينة حمص، 25 عاماً، إنه كان أمراً لطيفاً أن تعامل بكرامة. “إنهم يتعاملون معنا بطريقة لطيفة جدا ومحترمة.”

ستكون هذه هي السنة الثالثة التي تقوم فيها الجمعية اللبنانية لدعم البحث العلمي بتقديم الدعم للاجئين السوريين. فقد عملت المنظمة على تسجيل 250 طالب وطالبة في الجامعات على مدى العامين الماضيين. وفي هذا الصيف، عرضت 220 منحة دراسية أخرى للطلاب الذين يريدون البدء بدراستهم هذا الخريف. لا يزال فريق الجزار يعمل على تقييم طلبات المتقدمين ويأمل في تقديم الدعم المالي لـ280 طالب آخر من أجل البدء في الفصل الدراسي القادم. ومن شأن هذه الإضافة الأخيرة أن تصل بالعدد الكلي للطلاب المستفيدين إلى 750 طالب وطالبة.

تلقت الجمعية 2000 طلب للحصول على المنح الدراسية الجديدة التي قرروا منحها مؤخراً. ومن بين ذلك العدد، قاموا بطلب أفضل المتقدمين من أجل إجراء مقابلات معهم في مواقع عديدة في جميع أنحاء لبنان. نصفهم فقط قدموا لإجراء المقابلة. قال الجزار “لا نعرف السبب بالضبط. ولكن بعض أولئك الطلاب لا يمتلكون أوراق إقامة رسمية، ولذلك لن يكون في وسعهم السفر إذا ما كانت هنالك دوريات للشرطة على طول الطريق.”

دخلت منظمة الجزار في شراكة مع أربع جامعات تفاوض معها من أجل الحصول على تخفيض في أجور الدراسة – يصل إلى حوالي 75 في المئة من الرسوم الدراسية الرسمية. وعليه ستقوم المنظمة بدفع الـ25 في المئة المتبقية.

تشمل الجامعات الأربع التي سيدرس فيها مقدمو الطلبات الناجحين جامعة طرابلس، وجامعة الجنان، والجامعة اللبنانية الدولية، وجامعة الآداب والعلوم والتكنولوجيا.

قال جيمس كينغ، كبير الباحثين ومدير الإتصالات في صندوق إنقاذ العلماء التابع لمعهد التعليم الدولي، إن نموذج الجزار في إعطاء المنح الدراسية غير مقنع. “إنه نموذج براغماتي للغاية.”

قبل الإنخراط في الدراسة، تقوم منظمة الجزار بإدخال الطلاب في دورة مكثفة للغة الإنجليزية. ويوضح الجزار بأن ذلك يخدم غرضين، “إن ذلك سيسمح لنا بتحسين لغتهم الإنجليزية، والتخلص من أولئك غير الجادين. فأي من الطلاب الذين لن يأتوا إلى مدرسة اللغة سيجدون منحتهم الدراسية معرضة للخطر.”

تحمست دون تشاتي، الأستاذة في مركز دراسات اللاجئين في جامعة أكسفورد، عند سماعها عن برنامج المنح الدراسية. قالت، في إشارة إلى فكرة كون الشباب السوري معرض لخطر العيش من دون فرص للتعليم أو العمل، “أعتقد بأنه من الرائع أن ذلك يحصل، فهذا يساعدنا للتأكد بأنه لن يكون هناك جيل ضائع بالكامل.”

وعلى الرغم من تحمسها المبدئي حيال البرنامج، إلا إنها بقيت متحفظة بشأن إستبعاد اللاجئين الأكثر فقراً. وقالت إنه قد يكون من المفيد إعادة النظر في هذا الجانب من البرنامج. مضيفة أنه إذا ما تحمل طالب مستقبلي عناء التقدم بطلب للحصول على منح دراسية، فإن من غير المحتمل أن يتسرب خارج التعليم. قالت “إذا ما كانوا يحاولون الذهاب إلى الجامعة فإن ذلك يجعلني أتوقع بأن أسرهم على إستعداد لتقديم التضحية. لن تسمح أية أسرة لأبناءها بالتقديم إلى الجامعة ما لم تكن على إستعداد لتقديم الدعم الكامل لهم في كافة التكاليف.”

بغض النظر عن ذلك، يبدو الجزار وبوضوح فخوراً ببرنامجه الذي يشهد نمواً، ويأمل في أن يكون قادراً على توفير المزيد من المنح الدراسية في المستقبل. فبالنسبة إليه، لا شيء أكثر أهمية من إعادة الشباب السوريين من اللاجئين إلى الجامعات. قال “سيوفر ذلك بديلاً حقيقياً عن حياة العصابات أو الإنضمام إلى داعش.”

* ساهمت مطيعة الحلاق، الصحفية المقيمة في لبنان، في إعداد هذا التقرير.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى