أخبار وتقارير

تونس: طلاب الجامعات في مصيدة التنظيمات الإرهابية

تونس— قبل أشهر قليلة من تخرجه من كلية الهندسة وبعد أن شغل اسمه معظم الإذاعات والصحف المحلية بوصفه أحد الطلاب الناشطين في تحرك طلاب الهندسة لتحسين ظروف دراستهم وعملهم والمعروف إعلامياً باسم “ثورة المهندسين بتونس”، ترك منتصر بالله العوادي بلاده وجامعته وتوجه إلى سوريا للانضمام إلى صفوف المقاتلين في تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلامياً باسم “داعش”.

نزل الخبر كالصاعقة على رأس أهله وأصحابه.

قال والده فوزي العوادي “كنت أنتظر تخرج ابني بعد أشهر قليلة فقط، لكن الإرهاب خطفه منا.” مؤكداًً أن نجله كان يعيش حياة عادية وأنهم لم يلاحظوا أي تغير في سلوكه أو أية ميول متشددة.

منتصر واحد من 1300 طالب من مختلف الجامعات التونسية التحقوا مؤخراً بالقتال في سوريا والعراق وبدرجة أقل في ليبيا بحسب دراسة أجراها الإتحاد العام لطلبة تونس. وبحسب تقارير دولية، يتصدر التونسيون مراتب متقدمة في عدد الجهاديين الذين يقاتلون ضمن التنظيمات المتشددة في الخارج أبرزها تنظيم الدولة الإسلامية.

قال رياض الدزيري من اتحاد الطلبة للإذاعة التونسية “الأرقام مفزعة. إذا انخرطت نخبة المجتمع التونسي في مثل هذه الممارسات فالأكيد أن النتائج ستكون أكثر كارثية في الأوساط الأقل تعليماً.”

من أين يأتي المقاتلون الأجانب؟ (بالإذن من عمرو العراقي/ موقع انفوتايمز)

لا تبدو أسباب انضمام العوادي وزملاءه للقتال خارج بلادهم معروفة.  لكن دراسة الإتحاد العام لطلبة تونس تشير إلى أن الجامعات الموجودة في المحافظات الفقيرة تستأثر بنصيب الأسد من هؤلاء الطلاب وخاصة جامعات القيروان وبنزرت وقابس وسيدي بوزيد مهد الثورة التونسية وذلك “نظراً لتردي الوضعية الاجتماعية ووجود حاضنة شعبية لمثل هذه الحركات في تلك الجهات،” كما قالت الدراسة. إذ يبلغ عدد الطلاب الذين التحقوا بساحات القتال والمنحدرين من جامعة القيروان مثلاً 200 طالب تليها جامعة بنزرت بـ 100 طالب.

بدوره، قال عصام العويني زميل العوادي في الجامعة “كان منتصر شاباً نشيطاً وفاعلاً ضمن اتحاد الطلاب الإسلاميين خصوصا أيام الإضراب الأخير لطلبة الهندسة.” وأضاف العويني أن زميله لم يكن ميالاً إلى التشدد أو هكذا على الأقل روج لنفسه إذ كان لا يرى مانعاً في الاختلاط بالطالبات في الجامعة.

في تعليق أولي على نتائج الدراسة، قال رحيم زريق المتحدث باسم وزارة التعليم العالي في تونس “هذه أرقام  كبيرة ومؤسفة، إنها خسارة كبيرة للجامعة التونسية.”

وأوضح زريق بأن الوزارة تعمل على مراجعة البرامج االدراسية في وبحث فرص منح الطلاب مساحات أكبر لإقامة الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية وغيرها لشد الطالب إلى محيطه العلمي والنأي به عن اعتناق التشدد مذهباً.

وفقا للدراسة، تستأثر شعب الرياضيات والتقنية على أعلى نسبة من الطلبة المجندين بواقع 19 في المئة تليها شعب العلوم الطبيعية والكيمياء والفيزياء 21 في المئة ثم الهندسة بواقع بـ 14 في المئة. بينما تقبع الشعب الأدبية والقانونية في ذيل القائمة بنسبة 3.3 في المئة.

قال أحمد الذوادي القيادي بالإتحاد العام لطلبة تونس”يعتبر طلبة مدارس الهندسة هدفاً استراتيجياً للجماعات الإرهابية لما يتمتعون به من معارف هامة في صناعة الأسلحة الحربية وتمكنهم من علوم الإعلامية وتقنيات التصوير والاتصال وغيرها”.

وأوضح الذوادي أن مناهج التعليم في التخصصات العلمية تغيب عنصر التحليل والبحث ويغلب عليها منهج المسلمات دون نقاش مما يجعل الطلاب فريسة سهلة في الاستقطاب على عكس طلبة الشعب الأدبية الميالين للجدل والنقاش والبحث في الأطروحة و نقيضها.

أما عن وسائل الوصول للطلاب والتواصل معهم فتشير الدراسة إلى دور الإنترنت والإعلام والاستقطاب داخل المساجد والحلقات السرية قصد التأثير النفسي والأيديولوجي والتي غالباً ما تحدث خارج الفضاءات الجامعية. كما يعتبر الوضع الاقتصادي المتردي للعائلة والفرد والصعوبات الدراسية من العوامل التي تسهل  تجنيد الطلاب، خاصة مع ما تملكه الجماعات الإرهابية من إمكانيات إعلامية ومالية هائلة.

لكن إصلاح منظومة التعليم قد يلعب دوراً في تخفيف عمليات التجنيد مستقبلاً.

قال الذوادي “أصبح ضرورياً إصلاح التعليم بشكل جذري لمعالجة البرامج ومحتواها والخدمات الجامعية المقدمة للطلبة.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى