أخبار وتقارير

صدق أو لا تصدق: الطلاب العرب يفضلون الدراسة في المنطقة

القاهرة— تقدمت لانا الكحالة، طالبة سورية، بطلبات التحاق بجامعات داخل منطقة الشرق الأوسط وكندا والولايات المتحدة وسويسرا. وحصلت على قبول في معظمها، بما في ذلك جامعة كارنيجي ميلون في قطر والتي تدرس بها حالياً إدارة الأعمال.

قالت “كانت كارنيجي ميلون ضمن خياراتي، لكنني لم أفكر حقاً بها حتى حصلت على القبول. ثم بدأت أفكر أكثر وأكثر، يمكنني الذهاب إلى الولايات المتحدة لكنها بعيدة. فلماذا لا أحصل على ذات التعليم بالقرب من عائلتي؟”

خيار الكحالة يضعها على الأرجح ضمن فئة صغيرة من الطلاب العرب ذوي الأداء المتميز، لكنه يعكس في ذات الوقت اتجاهاً متنامياً في المنطقة يتمثل في ازدياد اهتمام الطلاب في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمؤسسات التعليم العالي في المنطقة، وفقاً للبيانات التي تم تحليلها من قبل كولدج بورد.

تدير مؤسسة كولدج بورد، منظمة مرخصة مقرها الولايات المتحدة، اختبارات القبول الموحد في الجامعات الأميركية المعروف باسم SAT. بين تموز/يوليو 2013 وحزيران/ يونيو 2014، قامت المؤسسة بتحليل نتيجة 24 ألف طلاب وطالبة من منطقة الشرق الأوسط وشمال في محاولة لفهم رغباتهم وتوجهاتهم الدراسية.

قال يوكو كونو، مساعد مدير تحليلات السوق الدولية في كولدج بورد في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، إن الغالبية العظمى من الطلاب كانوا يرسلون نتائج امتحاناتهم لمؤسسات في بلدانهم الأصلية. مشيراً إلى أن معظم الطلاب كانوا من مصر ولبنان، حيث غالباً ما يتقدم الطلاب هناك لامتحانات SAT عوضاً عن الامتحانات الوطنية.

وأظهرت تحليلات الكولدج بورد أيضاً زيادة تنقل الطلاب ضمن المنطقة. إذ يتم جذب الطلاب العرب للدراسة في مؤسسات تعليمية في دول الخليج، خاصة مع تفضيل الطلاب الدراسة في مؤسسات تعليمية غربية قريبة من بلادهم الأصلية وهو أيضاً توجه عالمي.

قال كلاي هنسلي، مدير الاستراتيجية والتوعية الدولية في كولدج بورد “أود القول أن الشرق الأوسط رائد في هذا المجال. بالطبع يحدث ذات الشئ  في عموم آسيا وفي جنوب ووسط آسيا وكذلك في شرق آسيا والمحيط الهادئ… لكن بدرجة أقل مما هو عليه في الشرق الأوسط.”

تسهم زيادة جودة التعليم الإقليمي وارتفاع عدد فروع الجامعات الغربية في المنطقة في توسع هذا التوجه  الإقليمي بحسب ما يقول معلمون وطلاب.

ففي قطر، على سبيل المثال، تعمل جامعة تكساس A& M، وجامعة كارنيجي ميلون، وجامعة نورث وسترن وجورج تاون مع مجموعة أخرى من الجامعات المرموقة ضمن المدينة التعليمية التي تضم عدداً من الجامعات الأجنبية ومراكز الأبحاث.

قال جوزيف هيرنانديز، مدير القبول في جامعة جورج تاون في قطر، إن ما يقارب من 50 طالباً من أصل 250 من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (لايتضمن هذا العدد الطلاب العرب الذين يحملون جنسيات أجنبية أخرى إلى جانب جنسياتهم العربية)، مضيفاً أن طلاب مصر والأردن يشكلون الأغلبية. وأضاف أن بعض الطلاب يلتحقون بجامعة جورج تاون في قطر لرغبتهم بدراسة  لغة وسياسة واقتصاد وتاريخ المنطقة. كما يلعب الأهل دوراً أيضاً في خيارات العديد من الطلاب، كما يحدث مع طلاب الجامعة الأميركية. قال “الجامعات هنا أقرب جغرافياً وتلائم القيم الأسرية والدينية والمجتمعية،” مشيراً إلى أن الطلاب القادمين من خارج المنطقة عليهم التكيف مع الثقافة القطرية.

بدوره، قال محمد سالم، رئيس جامعة ولونغونغ في دبي، إن العوامل الثقافية تلعب أيضاً دوراً هاماً في جذب الطلاب العرب إلى دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعد موطناً لعدد متزايد من مؤسسات التعليم العالي. حيث تضم الإمارات أكبر عدد لفروع الجامعات الغربية في العالم. وبحسب تقرير نشر في تموز/ يوليو 2014 بحسب فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد سوق التعليم الأكثر تطوراً في المنطقة. وقال التقرير إن الطلاب من داخل الشرق الأوسط يلجأون بشكل متزايد إلى دبي بدلاً من المملكة المتحدة لجودة التعليم.

وعلى الرغم من أن البلاد القائمة على مراكز التسوق لاتجذب الجميع، إلا أنها تجتذب العديد من الطلاب للدراسة فيها.  قال تامر عليوة، أستاذ مساعد في كلية إدارة الأعمال في الجامعة البريطانية “إذا كنت تتحدث عن العالم العربي، على وجه الخصوص دولة الإمارات العربية المتحدة فإن دبي هي الحلم.” مشيراً إلى ما توفره من عتاصر ثقافية متقاربة مع باقي الدول العربية وفرص دراسية للطلاب الذين يعلمون بدوام جزئي فضلاً عن تقديم المحتوى الغربي في سياق يتناسب مع الشرق الأوسط.

لايعتبر تنقل الطلاب في المنطقة بهدف الدراسة أمراً جديداً. إذ كان منتشراً بين الطلاب الراغبين بالالتحاق بالجامعات الأميركية العريقة في مصر ولبنان بحسب هنسلي من كولدج.

وقال تيد بيوريتن، عميد مشارك في الإدارة الأكاديمية والبرامج الدولية في الجامعة الأميركية في القاهرة، “نستخدم الأسلوب الأميركي للتعليم العالي، والفنون الليبرالية، ونظام بحوث ثابت ونتمتع بالكثير من المصداقية في جميع أنحاء العالم.”

إلى جانب الطلاب المصريين، تستقبل الجامعة الأميركية في القاهرة طلاباً عرب من السعودية والإمارات والكويت على التوالي بحسب إحصاءات الجامعة للعام الدراسي 2011-2012. وأظهرت البيانات التي قدمها بيوريتن أن نحو 50 في المئة من الطلاب خلال السنوات الثمانية الاخيرة من المقيمين في المملكة العربية السعودية.

مع ذلك، لا تزال حركة الطلاب في بعض البلدان الأخرى محدودة.

فعلى مدى السنوات الخمس الماضية التحق فقط 35 طالب عربي  بجامعة الأخوين في المغرب، والتي تعتمد الأسلوب الأميركي أيضاً في التدريس كحال الجامعة الأميركية في القاهرة وبيروت.

قالت ايمي فيشبورن، مديرة البرامج الدولية في الجامعة، إذا كان للطلاب من البلدان النامية فرصة وحيدة للسفر للخارج فإنهم لن يذهبوا لبلد نامي آخر لم يكن هناك سبب قاهر. “سيذهبون لدول متقدمة لاعتقادهم أنهم سيتعلمون أكثر هناك.”

تؤكد مؤشرات كولدج بورد اعتقاد فيشبورن. إذ تقدم نحو 75 في المئة من الطلاب الذين خضعوا لامتحان SAT بطلبات دراسة في الولايات المتحدة خلال الفترة التي أجرت بها المؤسسة دراستها.

لكن  بعض الطلاب يعتقدون أن للمنطقة مزاياها.

قالت الكحالة “أن تكون قادراً على الدراسة في بلد يشهد نمواً في الاقتصاد والمجتمع يعني الحصول على نظرة ثاقبة للكثير من القضايا لا أعتقد أنني ساحصل عليها في حال درست في أمريكا.” مضيفة “على سبيل المثال، تركز أطروحتي على التمويل الإسلامي. كيف لي أن أعرف أهميته وتطوره في المنطقة إذا لم  لم أكن هنا.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى