أخبار وتقارير

معاناة الطلاب السوريين مستمرة في مصر

القاهرة – تعتبر فكرة الحصول على شهادة جامعيّة بالنسبة لتامر محمّد ياسر، اللاجيء السوري البالغ من العمر 19 عاماً، أمراً غير وارد.

حاول ياسر، ولكنّ المصاريف التي تتضمّن شراء الكتب والمواصلات إلى الحرم الجامعي والوجبات تصل لأكثر من 100 دولار أميركي وهو المبلغ الذي يتقاضاه شهرياً من عمله كفني كهرباء. كما يحتاج إلى تأمين المزيد من النقود لمصروف منزله، حيث يساعد في إعالة والدته وإثنين من أشقّاءه. قال “الأمر صعب الآن، لأنّني ووالدي وحدنا من يعمل الآن.”

في مصر، يستطيع طلاب البكالوريوس السوريّين الدراسة في الجامعات الحكوميّة على قدم المساواة مع الطلاب المصريّين – تقريباً مجّاناً، عدا بعض المصاريف والأجور المختلفة. مع ذلك، يبقى بعض اللاجئين كياسر غير قادرين على تغطية حتّى المصاريف التي تبدو هامشيّة أو أجور التسجيل الأساسيّة من أجل الإنخراط في برامج الماجستير أو الدكتوراه، ممّا يتركهم في حالة ضياع بين صراع العودة إلى الوطن مجدّدا وآفاق بناء مستقبل أفضل.

قال صابر محمّد، سوري مقيم في مصر ويبلغ من العمر 28 عاماً، “لقد تحطّمت أحلام الكثير من الناس.”

يوجد مئات الأساتذة والطلاب الجامعيّون ضمن 3.9 مليون مواطن سوري ممّن بحثوا عن ملجأ لهم في مصر، وتركيا، ولبنان، والأردن، والعراق منذ إندلاع الحرب في بلادهم أوائل عام 2011. سجّل أكثر من 133.000 مواطن سوري لدى المفوّضيّة العليا للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين UNHCR  في مصر، حيث يتطلّب ذلك من اللاجئين – عدا السودانيّين – دفع آلاف الدولارات كأجور للدراسة في الجامعات الحكوميّة في البلاد.

لكن فيما يخصّ السوريّين، قامت مصر بتغيّير سياستها، لتستثني السوريّين من قانون رسوم الطلاب الأجانب، ممّا مكّنهم من التسجيل في المدارس الإبتدائيّة والثانويّة الحكوميّة بالإضافة إلى الجامعات التي تديرها الدولة مما منحهم فرصة لاستكمال تعليمهم على العكس مما يجري في الكثير من الدول العربية التي استقبلت لاجئين سوريين. مع ذلك، يحتاج السوريون لتسديد 500 جنيه مصري، أو حوالي 65 دولاراً أميركيّا، عن كلّ سنة دراسيّة خسروها نتيجة للصراع الدائر في البلاد.

هذا العام، يدرس أكثر من 14.000 طالب بكالوريوس سوري لاجيء في مؤسّسات التعليم العالي المصريّة، وفقاً للمفوضيّة العليا للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين. قال محمّد شوقي، مسؤول التعليم المساعد لدى المفوّضية في مصر”من بين العديد من الدول الأخرى في المنطقة، أعتقد بأنّ مصر تتحمّل أكثر من طاقتها.”

مع ذلك، تبدو السياسات المنظمة هشة. إذ يتوجب تجديد القرار سنوياً وتسري شائعات بين فترة وأخرى بأنّ الوزراء المصريّين سيقومون بإلغاء إمتيازات التعليم للسوريّين. قال شوقي “لكنّهم لن يلغوا وصولهم للتعليم العالي، كلّي أمل بأنّهم لن يقوموا بذلك.”

قال صابر محمّد، اللاجيء السوري ذو الثمانية والعشرين عاماً، بأنّ الإستثناء من الأجور، كان مطبّقا أيضا بالنسبة للسوريّين الذين يسعون لإتمام شهادة الماجستير، وكان هذا سبب قدومه إلى مصر قبل ثلاث سنوات والالتحاق بجامعة عين شمس. أتمّ محمّد سنة واحدة من برنامج الماجستير قبل أن يخبروه بأنّ عليه دفع مبلغ 2200 جنيه إسترليني أو ما يعادل حوالي 3300 دولار أميركي من أجل إستكمال شهادته باعتباره طالباً أجنبي. لذا أصبح  حلمه في الحصول على شهادة عليا وهماً وشبحاً بسبب المصاريف.”

تبدو الفرص المتاحة أمام اللاجئين الشباب حرجة، حيث أنّ العديد منهم في سنّ يبحثون فيه عن الدراسة، أو بدء العمل، أو الزواج وإنشاء أسرة. لكنّ الآفاق المحدودة من بين العوامل التي تدفعهم نحو بدائل أشدّ خطورة.

ففي العام الماضي، اجتاز أكثر من 218.000 لاجيء ومهاجر – أغلبهم من السوريّين والأريتيريّين والعراقيّين – البحر المتوسّط من ليبيا، ومصر، ودولا أخرى أملاً في الوصول إلى أوروبا. ولقي 3.500 شخص منهم حتفه في طريقه لإتمام تلك الرحلة، وفقاً للمفوضيّة العليا للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين. بينما تمّ إعتقال العشرات.

يحاول العديد من اللاجئين السوريّين في عُمر الدراسة الجامعيّة ممّن بقوا في المنطقة الإستفادة من الأوضاع بأحسن ما يمكنهم ذلك. لكن، حتّى في مصر، فإنّهم في صراع مع المناهج المصريّة أو مواجهة العقبات البيروقراطيّة التي تصعّب من عملية تسجيلهم.

قالت فاطمة إدريس، مديرة منظّمة تضامن غير الحكوميّة التي تعمل على مساعدة اللاجئين في مصر، “العديد من السوريّين يأتون ملؤهم الطموح والنشاط، ويكونون متحمّسين جدّا. لكنّ النظام نفسه صعب.”

يواجه اللاجئون الكثير من ذات الصعوبات التي يواجهها أقرانهم المحليّين، كالصفوف الدراسيّة المكتظّة، وتردّي جودة التعليم. قالت رشا محمّد، اللاجئة السوريّة التي قدمت وأسرتها إلى مصر قبل عامين من حمص، “هنالك الكثير من الأشخاص في المحاضرات – البعض يبقى واقفا بينما يجلس آخرون على الأرض – لذا فمن الصعب أن تسمع ما يقال هناك.”

وأضافت محمّد أنّها لم تتمكّن من دراسة الأدب الإنجليزي في جامعة القاهرة كما كانت تأمل لأنّ العقبات البيروقراطيّة أخّرت تسجيلها. كما توجّب عليها دفع أجر خاص قدره 1500 جنيه مصري – حوالي 196 دولارا أميركيّا – بسبب خسارتها ثلاث سنوات دراسيّة بسبب الوقت الذي كانت فيه لاجئة.

قالت “لا يستطيع الكثير من الناس دفع غرامات التأخير، وكان هذا سبب عدم تسجيلهم. بالإضافة إلى ذلك، هناك أجور الكتب والنقل – كل شيء غالٍ.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى