أخبار وتقارير

مراقبة وهمية لجودة جامعات إلكترونية

تقوم وكالة وهمية لمراقبة معايير الجودة الأكاديمية بمساعدة جامعات مرتبطة بها لإنتزاع أموال الطلاب مقابل شهادات ذات قيمة ضئيلة أو معدومة القيمة. كما تعمد الوكالة، والتي تطلق على نفسها اسم منظمة الإعتماد الدولية، إلى منح جامعات وهمية – تقدم شهادات مزيفة – غطاءاً مزيفاً من الإحترام والموثوقية. (إقرأ: طلاب عرب وأجانب يقعون فريسة شبكة دولية من الجامعات الوهمية).

كما تعمل الوكالة على نطاق عالمي، إذ تضم قوائم الجامعات المعتمدة من قبلها مؤسسات أكاديمية من مختلف أنحاء العالم.

للإنصاف، فإن القليل من المؤسّسات المدرجة على قوائمها تبدو أنّها تسعى لتوفير تعليم حقيقي. لكنها يبدو أيضاً أنها تعرضت للغش في الوقت الذي تعتقد فيه أنها نالت اعتماداً عالميّاً حقيقياً.

أما باقي الجامعات المعتمدة من قبل هذه الوكالة فتقدم شهادات وهمية، إذ وجد مراسلونا بشكل متكرر أنّها تمتلك عناوين وهمية وتفتقر للترخيص المحلي.

في عمّان – الأردن، وجد أحد المراسلين بأن العنوان المدرج للجامعة الملكيّة للعلوم الطبّية، والمعتمدة من قبل منظمة الإعتماد الدوليّة، لا وجود له. وكانت الجامعة قد غيرت إسمها إلى “الجامعة الطبية الخاصة” لعجزها عن توفير متطلبات الترخيص في الأردن ليتم إلغاء ترخيصها نهائياً العام الماضي.

مع ذلك، وقعت جامعة عربيّة حقيقيّة واحدة على الأقل في فخ اعتمادها دولياW من قبل منظمة الإعتماد الدولية.

تلقت جامعة القدس المفتوحة، جامعة للتعليم المفتوح لها مقر فعلي ومعترف بها من قبل السلطة الفلسطينية، شهادة إعتماد من قبل منظمة الإعتماد الدولية في شهر أيار- مايو الماضي. قال يوسف صباح، مدير قسم الجودة في الجامعة، إنه عثر على منظّمة الإعتماد الدولية على أحد مواقع التواصل الإجتماعي، وتأمل في أن يمنح إعتماد مؤسسته من قبل هذه المنظمة المزيد من المصداقية. قال “رغبنا في إظهار إلتزامنا بالمعايّير الدولية، وأن نكسب ثقة الجمهور المحلي، والإقليمي، والعالمي.”

لعب تخفيض الرسوم، الذي عرضه مسؤولون في منظمة الإعتماد، دوراً في تشجيع الجامعة. قال صباح “قالوا بأن هنالك عرضاً خاصاً للمؤسسات الفلسطينية.”

وعلى بعد آلاف الأميال، في هونولولو – هاواوي، قام أحد المراسلين بإلقاء نظرة على مؤسسة أخرى معتمدة من قبل منظمة الإعتماد الدولية. ذهب المراسل إلى العنوان المدرج على الموقع الالكتروني لجامعة يورك York، والتي لا ترتبط بالجامعة الكندية التي تحمل الإسم ذاته ولا بجامعة يورك في المملكة المتّحدة. تتألف المؤسّسة من مكتب متواضع في حجم حجرة نوم صغيرة في مبنى مكتبي عسير الوصف. قالت إمرأة هناك تدعى ريتشيل كيم، والتي تعمل في شركة إستئجار أجهزة صور فوري] في الجزيرة، “الجامعة توفر أسعاراً منطقية.”

ويظهر الموقع الإلكتروني لجامعة يورك بصورة أكثر وضوحاً من كل الجامعات الأخرى على قائمة منظمة الإعتماد الدولية. إذ تذكر جامعة يورك أنها غير معتمدة من قبل أي وكالة معترف بها من قبل وزارة التعليم في الولايات المتحدة الأميركية، مما يعني بأن طلابها لن يكونوا مؤهلين لأي دعم مالي من السلطات الإتحادية.

دفعت جامعتان في الهند مبلغا قدره 1000 دولار أميركي للحصول على شهادة اعتماد من منظمة الإعتماد الدولية. قال نائب رئيس جامعة الدكتور ك. ن. مودي إن منظمة الإعتماد الدوليّة إتصلت بالجامعة عام 2012. قال باثاك “لديهم إسم مثير للإعجاب، لكنني لا أعرف بصراحة أية قيمة يمكنهم إضافتها لنا.”

بدوره، قال أتانو كومار باتي، رئيس قسم ضمان الجودة في مؤسسة هندية أخرى، هي جامعة البانديت رافيشانكار شوكلا Pandit Ravishankar Shukla، إن مسؤولين في منظمة الإعتماد الدولية قدّموا عرضاً لإعتماد المؤسسة عام 2013. لم تكن الجامعة قد حصلت في وقتها بعد على موافقة مجلس التقيّيم والإعتماد الوطني الهندي، فرحّبت بتلك الفكرة، بحسب باتي. وبعد أن وافق مسؤولو الجامعة على العرض، جاء رجلان لتفقد مبنى الجامعة على مدار يومين. قال “كانت لديهم قائمة تدقيق من 50 فقرة والتي تتضمن كل شيء من البنى التحتية وحتّى تدقيق جميع وثائقنا.”

لكن السهولة التي يتم فيها منح الإعتماد من قبل منظّمة الإعتماد الدولية تعتبر إشارة إنذار، بحسب ريتشارد بوركاس، مدير الإتصالات في لجنة الولايات الوسطى للتعليم العالي، والتي تعتمد بعض الجامعات الأميركية، بالإضافة إلى الجامعة الأميركيّة في بيروت، والجامعة الأميركية في القاهرة، وجامعة زايد.

يتطلب اعتماد مؤسسة من قبل منظمة بوركاس ما يقارب الخمس سنوات. كما أن التكلفة تتجاوز بكثير مبلغ الـ 1000 دولار أميركي، إذ تصل ما بين 10000 دولار أميركي و 30000 دولارا أميركيا أو أكثر وفقاً لبوركاس.

في الهند، يبدو باثاك غير مدركا بأن “منظمة الإعتماد الدولية” منظّمة إعتماد غير قانونية. قال “لديهم مقرّ في هيوستن، وهي هيئة كبيرة جدا.”

في واقع الأمر، يظهر البحث عن عنوان منظمة الإعتماد الدولية بإستعمال خرائط جوجل بأنّه ليس إلا مركز تسوّق على حافة طريق سريع في هيوستن.

تبحث لجنة الولايات الوسطى، كغيرها من المعتمدين كاملي العضوية، عن التخطيط الإستراتيجي للجامعة، وإذا ما كانت تبحث عن تطوير التعليم، وتوفر خدمات إضافية كالإستشارات والمشورة المهنية. كما يأخذ المعتمدون الحالة المالية للمؤسسة بالحسبان أيضاً. قال بوركاس “نحن لا نرغب في إعتماد مؤسسة مبنية على أسس غير مستقرة، ومن المحتمل أن تغلق أبوابها لتترك الطلاب وقد تقطعت بهم السبل.”

إن إنجاز هذا النوع من الإستعراض الواسع النطاق في غضون يومين يجعل منظمة الإعتماد الدولية مثيرة للشك بدرجة كبيرة في نظره. قال “هذا تقريباً زائف بأكبر شكل يمكنك أن تحصل عليه.”

*ساهم في التقرير: جوزيف بينينغتون-كاسترو، مانداكيني غاهلوت، رشا فائق، وثائر ثابت.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى