أخبار وتقارير

“التعلم الخدمي” يعزز ارتباط الطلاب العرب بمجتمعاتهم

القاهرة— قبل أكثر من عقد من الزمان، قام طالب في الجامعة الأميركية في القاهرة بتيسير جمل حول الحرم الجامعي لرفع مستوى الوعي حول هدر المياه وأهمية المحافظة عليها. 

تم وضع ملصقات في الحمامات، كُتب عليها “كل قطرة تهم”. وعلقت الملصقات في غرف الصلاة. كما تم توزيع نشرات توعوية من خلال كشك الاستعلامات في الجامعة كجزء من دورة الكتابة تتبنى منهجية التدريس المعروفة باسم التعلم الخدمي. 

قالت أماني الشامي، التي تقوم بتدريس الدورة، ” كنت أعلم أنني أقدم منهجية التعلم الخدمي لأنني كنت حريضة على القراءة عنه والتاكد من إتباع مبادئه.” موضحة أنه ” لم يكن هناك شئ اسمه التعلم الخدمي في الحرم الجامعي. لم يكن هنالك وسائل رسمية لمنح الدورة هذه التسمية.”

اليوم، يتنامى الاهتمام بهذا المفهوم. مع ذلك لايزال انتشاره محدوداً وغير مشهور على نطاق واسع. قالت الشامي، التي تشغل منصب مديرة البحوث الجامعية في الجامعة الأمريكية ” لم نصل بعد الى مرحلة حاسمة.” 

يُعرف التعلم الخدمي بأربع خصائص رئيسية، وفقا لآمي نيوكومب رو، مديرة البرامج في شبكة تالوار التي تهدف إلى دعم البرامج الهادفة إلى تشجيع المشاركة المدنية في جميع أنحاء العالم. إذ يتوجب على الطلاب الانخراط في التعلم التجريبي عادة خارج الفصول الدراسية لتلبية حاجة المجتمع وعكس ما يقومون به خارج الفصول الدراسية مرة أخرى في الفصول الدراسية، والحصول على درجات لخدمتهم لمجتمعهم.

ظهر مصطلح التعلم الخدمي في الولايات المتحدة، وغالباً ما يشار إليه كمشروع مجتمعي تعليمي في العالم العربي. قالت نيوكومب رو ” إنه منهج تدريس.أولا وقبل كل شيء، انها التربية.” 

ويبدو المعلمون حريصون على تبني ذلك.

قالت نيللي كوريل، مساعد مدير مركز جون جيرهارت للأعمال الخيرية والتعليم في الجامعة الأميركية في القاهرة، ” هناك نمو في الممارسة العملية في محاولة لدمج الخدمة في المناهج الدراسية.” 

وبحسب نيوكومب رو ، فإن بعض الاهتمام يأتي من رؤساء الجامعات، الذين يريدون الدخول في شراكة مع المجتمعات المحلية لحل المشاكل الاجتماعية وإعتقادهم بأن المجتمعات من حولهم لديها خبرات تفيد الجامعة.

وفي الوقت نفسه، قالت كوريل أن أعضاء هيئة التدريس يعتقدون أن التعلم الخدمي أداة تساعد على تعزيز اهتمام طلابهم بالتعلم. ” إذا كان لديك طالب يرى ارتباطاً بين درس التخطيط الحضري أو الفن والعالم الفعلي، فإن هذا الطالب بطريقة ما سيكون لديه هدف عميق لفهم المفهوم بطريقة شاملة أكثر. يوجد أيضاً العنصر البشري في نهاية اليوم: لإنشاء وصلة بينك وبين المجتمع.”

في البداية، تم توصيف هذه الدورات باسم ” المجتمع المعتمد على التعليم” في الجامعة الأميركية في القاهرة بدءاً من عام 2009، وفقا للشامي. اليوم، يوجد عشرات الدورات التعليمية التي تتبع أو تقدم نفسها من خلال هذه المنهجية. 

في ايلول/سبتمبر، أقام مركز الجامعة للهندسة المدنية ورشة عمل حول التعلم الخدمي لمدة ثلاثة أيام مع تحالف الجامعات العربية نحو المشاركة المدنية “معاً” ، شبكة إقليمية من 15 جامعة تشجع وتعزز الأدوار المدنية الجامعات. سعت الورشة إلى إلى تطوير قدرة المشاركين على دمج المشاركة المدنية في المناهج وتزويد المشاركين بطرق محددة لتعزيز التعلم من خلال إشراك المجتمع المحلي وخدمة الطلاب. 

وقالت كوريل إن التدريب يأمل بالرد على التحدي الرئيسي. يعتبر الانعكاس، الذي يسمح للطلاب بالجمع بين خبرتهم في المجتمع مع مايتعلمونه في الفصول الدراسية، جزء مهم من التعلم الخدمي. لكنه من الصعب تطبيقه في فصول الجامعات الحكومية الكبيرة. “عندما يكون لديك صف يضم 1000 أو 2000 طالب و طالبة في الجامعات الحكومية، فإن إجراء جلسة الانعكاس تصبح أكثر تعقيداً.”

مع ذلك، تبنت بعض دورات جامعة القاهرة الحكومية المكونات الأساسية للمفهوم. تذكر مصطفى بركة، الذي سبق وأن درس في الجامعة، كيف كان طلاب قسم الهندسة يقومون بمشاريع مجتمعية كجزء من الدورات الدراسية الخاصة بهم في عام 2006. لكنهم يواجهون اليوم تحديات أمنية إلى جانب الاضطرابات السياسية التي تشهدها مصر منذ ثورة 2011. 

قال بركة، الذي يشغل منصب مدير برنامج الهندسة المدنية في الجامعة الألمانية في القاهرة، “بسبب الثورة، لا يمكن أخذ الطلاب للخارج في عطلة نهاية الأسبوع نظراً لكون المناطق المجاورة غير مستعدة لاستقبال الضيوف. يخرج الطلاب بمفردهم والأمور تتجه إلى التأزم مع ازدياد المخاطر.”

وقال علي جبر، وكيل الكلية لشؤون الطلاب والتعليم في كلية الهندسة جامعة القاهرة، إن الدورات التي تركز على مجالات العمل المجتمعي قد توقفت نظراً لما قد تحمله من مخاطر للطلاب. لم يعد يطلب من الطلاب العمل خلال ساعات محفوفة بالمخاطر مع التأكد من ذهابهم لبعض المناطق ومعهم أوراق العمل اللازمة. ” كان هناك الضجيج حول الأمن وهلم جرا، ولكنني أعرف حقيقة أن العام الدراسي الماضي لم يحمل أي مشاكل.” 

وفقاً لجابر، عمل الطلاب على مواضيع الصحة العامة في شرق القاهرة مع جامعي القمامة في المدينة. كما بحثوا في الأمية بين كبار السن من الموظفين في الحرم الجامعي إضافة إلى العمل مع الأيتام.

مع ذلك، لا تحمل هذه البرامج اسم ” التعلم الخدمي”. قالت الشامي”في جميع أنحاء المنطقة، يعمل الناس دائماً لخدمة المجتمع من دون تسمية ذلك.”

تمتلك الجامعة الأميركية في بيروت،على سبيل المثال، مشاريع مجتمعية عديدة في لبنان بحسب ما قال ربيع شبلي، القائم بأعمال مدير مركز الجامعة للمشاركة المدنية وخدمة المجتمع، والذي أنشئ في عام 2008. بالنسبة لمشروعات التخرج، يعمل طلاب الهندسة وإدارات التخطيط والصحة وغيرها في برامج المركز. 

قام الطلاب مؤخراً ببناء مدرستين متنقلتين في سهل البقاع اللبناني لخدمة 1.200 لاجئ سوري وهو مشروع ملئ بالتحديات وفقاً لشبلي. على الجهد الذي يأتي مع التحديات. “عليك أن تكون حذرا جدا عند إرسال الطلاب إلى الأماكن التي تخضع لعدم الاستقرار. هذا أحد المعوقات الرئيسية. تفتقر البلد أحيانا للقنوات السياسية والبنية التحتية لتسخير أفكار الطلاب والأساتذة الذين يتوقون للعمل من أجل التغيير.”

وعلى الرغم من أن برامج التعلم الخدمي ستصبح جزءاً رسمياً من منهاج الجامعة الأميركية في بيروت خلال عام. فإن ” المنطقة تحتاج بشدة لهذا المكون،” بحسب شبلي الذي يعتقد أنه لايوجد استثمار كافي بعد به. 

قال ” في النهاية علينا البدء بتحديث وتطوير والمجتمعات التي مزقتها الحروب المتخلفة. إن التعلم الخدمي وما يتبعه من مشاريع مجتمعية هي السبيل الوحيد لإحداث التغيير المستدام. بالنسبة لنا، إنها ضرورة.”
AddThis Sharing ButtonsShare to FacebookShare to TwitterShare to ارسال ايميل

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى